النوم هو حجر الأساس لصحة الإنسان الجسدية والعقلية، إذ يتيح للجسم فرصة استعادة نشاطه وتجديد طاقته، ومع ذلك، فإن انتظام مواعيد النوم قد يكون بنفس أهمية مدته أو حتى أكثر، وفقًا لدراسة حديثة نشرت في مجلة "علم الأوبئة والصحة المجتمعية".

وكشفت الدراسة عن ارتباط وثيق بين النوم غير المنتظم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، مما يلقي الضوء على أهمية الحفاظ على إيقاع يومي منتظم لدعم صحة القلب والأوعية الدموية.

وفي هذا التقرير، نستعرض أبرز ما توصلت إليه الدراسة، ونناقش دور النوم المنتظم في الوقاية من أمراض خطيرة، بالإضافة إلى نصائح خبراء لتحسين جودة النوم ودوره في تعزيز الصحة العامة.

* نتائج الدراسة: الرابط بين انتظام النوم وصحة القلب

1. تحليل بيانات المشاركين

قام الباحثون بتتبع بيانات نشاط 72,269 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عامًا، لم يعانوا من أحداث قلبية وعائية سابقة.

تم قياس مؤشر انتظام النوم (SRI) لكل مشارك، وهو مقياس يعكس انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ.

2. النتائج الرئيسية

المشاركون الذين لديهم أنماط نوم غير منتظمة كانوا أكثر عرضة بنسبة 26٪ للإصابة بأمراض قلبية وعائية مقارنة بمن لديهم أنماط نوم منتظمة.

الأشخاص الذين حافظوا على انتظام نومهم كانوا أكثر التزامًا بالتوصية اليومية للنوم (7-9 ساعات لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عامًا، و7-8 ساعات لمن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا).

3. مخاطر النوم غير المنتظم

حتى أولئك الذين حصلوا على الكمية الموصى بها من النوم ولكن لديهم أنماط نوم غير منتظمة كانوا عرضة لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.

* أهمية النوم المنتظم: رأي الخبراء

دور مؤشر انتظام النوم (SRI)

أشار البروفيسور "جان بيير شابوت"، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن "النوم غير المنتظم قد يكون مؤشرًا أقوى لخطر الوفاة من قلة النوم".

وأوضح أن أنماط النوم المنتظمة تحسن جودة النوم، تدعم الإيقاع اليومي للجسم، وتعزز وظائف الإدراك والمزاج.

توصيات لتحسين النوم

الحفاظ على أوقات نوم واستيقاظ ثابتة بفارق لا يتجاوز 30-60 دقيقة يوميًا.

تجنب الاعتماد على النوم في عطلات نهاية الأسبوع لتعويض نقص النوم، إذ لا يعوض ذلك الآثار السلبية للحرمان المزمن من النوم.

إعطاء الأولوية لنوم مستمر ومريح لمدة 7-9 ساعات كل ليلة لتجنب ارتفاع ضغط الدم، أحد عوامل الخطر الرئيسية لأمراض القلب.

* مخاطر الصحة المرتبطة بالنوم غير المنتظم

1. أمراض القلب والأوعية الدموية

يؤدي النوم غير المنتظم إلى اضطراب الإيقاع اليومي للجسم، مما يؤثر سلبًا على صحة القلب.

يرتبط بزيادة خطر ارتفاع ضغط الدم، وهو عامل رئيسي في حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

2. الأمراض الأيضية

أنماط النوم غير المنتظمة تزيد من خطر الإصابة بالسمنة المفرطة والسكري.

3. الآثار النفسية والإدراكية

قد تؤدي اضطرابات النوم إلى ضعف في الوظائف الإدراكية، وزيادة القلق، وتدهور المزاج.

التحديات والقيود في الدراسة

الدراسة رصدية وليست سبب أو نتيجة، مما يعني أن النتائج توضح وجود ارتباط بين النوم غير المنتظم والمخاطر الصحية، لكنها لا تؤكد أن النوم غير المنتظم هو السبب الوحيد.

عوامل مثل استهلاك الكحول، والنشاط البدني، والتدخين قد تؤثر على النتائج.

أشار البروفيسور "نافيد ستار" إلى أن بعض العادات مثل السهر وشرب الكحول قد تكون مسؤولة عن النتائج وليس نمط النوم بحد ذاته.

* النوم والصحة العامة: نصائح لتحسين جودة النوم

1. إنشاء جدول نوم ثابت:

حافظ على مواعيد نوم واستيقاظ محددة يوميًا، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

2. تجنب المنبهات قبل النوم:

قلل من استهلاك الكافيين والكحول في ساعات الليل لتجنب اضطرابات النوم.

3. تهيئة بيئة نوم مريحة:

احرص على أن تكون غرفة النوم مظلمة وهادئة.

استخدم الفراش والوسائد المريحة.

4. الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية:

تجنب استخدام الهواتف والشاشات قبل النوم بساعة على الأقل لتقليل تأثير الضوء الأزرق.

وتكشف هذه الدراسة الحديثة أن انتظام النوم قد يكون مفتاحًا للوقاية من العديد من الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية.

وبينما يوصي الخبراء بأهمية الالتزام بمدة نوم كافية، يظل انتظام النوم عاملا حاسما لضمان صحة أفضل وجودة حياة أعلى.