لم يأتِ توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمراجعة القوائم الإرهابية من فراغ، ولكن لقد جاء هذا التوجيه من إيمان القيادة السياسية الصادق بقيم الجمهورية الجديدة، وخاصة ما جاء في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
كما جاء من الإيمان بضرورة دعم وتعزيز هذه الحقوق، وسيادة قيم العدل والمساواة والانصاف، وأن يكون الوطن لجميع المصريين، وعدم إقصاء أحد من أبنائه، وإعطاء الفرصة للجميع للانخراط في المجتمع، والعمل على تقدمه ورقيه واستقراره، ومواجهة كافة التحديات التي يمكن أن تعوق توجه الدولة نحو توفير الحياة الكريمة للمصريين.
ويجب أن يعلم الجميع أن رفع أسماء 716 شخصا من قائمة الكيانات الإرهابية والارهابيين، ليس مبنيا على توجيه خارجي من قبل دولة، أو منظمة معينة، بل قد تم رفع هذه الأسماء بتوجيه مصري خالص، كما أن بمراجعة وفحص أنشطتهم، قد تبين عدم ممارستهم لأي أنشطة تهدد أمن واستقرار مصر، كما قد لوحظ أن لديهم الرغبة في المشاركة، والمساهمة، في رسم ملامح الفترة المقبلة، وأن يكون لهم دورا فعالا في تحقيق التنمية، وهو ما تحرص عليه الدولة المصرية وفقا لرؤيتها، وأن يساهم أبناء الوطن جميعا في تحقيق هذه الرؤية.
القيادة السياسية المصرية، نفذت من قبل توصيات الحوار الوطني بالعفو الرئاسي عن بعض المسجونين، لاعتبارات اجتماعية معينة، وقد تم الإفراج عن العديد من الأشخاص لهذه الاعتبارات وغيرها، دون أدنى إملاءات من أحد، بل قد حدث كل ذلك تأسيسا على مصداقية الدولة المصرية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وضرورة دعم الحقوق والحريات، وإعطاء الفرصة لأي مواطن، وتهيئة المناخ له لمباشرة حياة جديدة، يساهم من خلالها مع بقية أفراد المجتمع في بناء الجمهورية الجديدة.
وإذا اطلعنا بقدر من الإنصاف على ما قامت به الدولة المصرية خلال السنوات الماضية وحتى الآن، نجد أن السعي نحو تعزيز قيم الجمهورية الجديدة قد أصبح منهجا تحرص القيادة السياسية على اتباعه، وتوجيه كافة المسئولين بالدولة على حتمية سلوك ذات النهج، وأن تكون قيم المصداقية، والشفافية، والمصارحة، والعدل، والمساواة، وتكافؤ الفرص، هي عنوان وأساس التعامل مع المواطنين، ومع أي ملف أو قضية تهم الدولة المصرية.
وفي حقيقة الأمر، إن ما فعلته القيادة السياسية من ترك الأمر لسلطة القضاء التقديرية، وتهيئة المناخ لها، لإصدار حكم الحق والعدل، ورفع الأسماء التي تستحق من القوائم الإرهابية، يحتم على كل الأسماء التي رفعت من هذه القوائم أن تنظر إلى المستقبل بعين الوطنية، والانتماء، والولاء، الحقيقي لمصر، وأن تكون قد تعلمت دروسا كثيرة مما حدث في الماضي من بعض الجماعات والحركات التي قد كانت وما زالت تعمل ضد الوطن، وأن تقف مع الدولة المصرية في مواجهة هذه الجماعات والحركات حفاظا على الأمن القومي المصري.
وإذا كان بعض المتابعين يرون أن ما حدث يعد بداية الطريق للمصالحة مع بعض الجماعات، فإنني أؤكد أن الجمهورية الجديدة بقيمها النبيلة لا تقف ضد أي جماعة، أو ضد أي مواطن، طالما أنهم يعملون من أجل مصر، وأن أي جماعة أو أي شخص قد ارتكب جرائم في حق الوطن والمصريين، لن يمكن التسامح معه، ولن يفلت من العقاب، أما كل من لم يرتكب أي جريمة في حق هذا الوطن، فإن الجمهورية الجديدة تمد له أحضانها، لينضم إلى كتيبة المصريين الوطنيين المخلصين ليساهم معهم في بناء هذه الجمهورية.
منذ 5 ساعات