«خايفة من ألم العلاج.. خايفة شعري يقع.. خايفة شكلى يتغير».. هذه المخاوف تسيطر على كل سيدة تواجه سرطان الثدي، مما يجعلها تتردد فى بدء رحلة العلاج، مفضلة التعايش مع المرض على مواجهة المجهول. ورحلة العلاج قد تكون صعبة، لكنها ليست مستحيلة، فالتقدم الطبى الآن يفتح أبوابًا واسعة للتعافى والشفاء، وعشرات الآلاف من النساء واجهن المخاوف ذاتها ونجحن فى التغلب عليها، خاصة أن الأدوية الحديثة تقلل من المضاعفات التى تخشاها النساء، وتصبح رحلة العلاج بداية جديدة مليئة بالأمل.
يقول أستاذ طب الأورام بالمعهد القومي للأورام ورئيس المؤسسة المتخصصة للأورام، الدكتور أحمد البسطويسي: إن الأبحاث العلاجية الحديثة أثبتت وجود تطور هائل فى جميع أسلحة علاج الأورام، وبالنسبة لأورام الثدي لم تعد الجراحة هى الخيار الأول للمريضة وأصبح هناك علاجات مناعية تحسن الحالة الباثولوجية للورم وتقضى عليه قبل استئصاله فى بعض الحالات، مما ينعكس على مسار المرض ونتائج العلاج، وكذلك هناك "علاجات موجهة"، حيث تتوجه لجين محدد أو مسار معين لتحدد مدى الاستجابة وتحديد طريقة العلاج الأفضل.
يتابع: هناك أدوية موجهة تؤخذ بالفم فى مرحلة ما قبل الانتشار، وتؤخذ بعد الاستئصال الجراحى، أما بالنسبة لسرطان الثدى المنتشر الذى قد يصل للمرحلة الرابعة، فأصبح هناك علاجات حديثة تطيل العمر سواء بأنواع معينة من العلاجات الموجهة بالفم أو التى تؤخذ بالمحلول والحقن، وأيضا للعلاج المناعى دور قوى فى علاج سرطان الثدى المنتشر.
تطور الأدوية التقليدية
وهناك أيضا عائلة جديدة من الأدوية التي تجــنب المريضة آثار العــلاج الكيماوى، الذى كان بدوره يؤثر فى خلايا الجسم بالكامل بما فــيها الطبيعية والسرطانية، فأصبحت هناك مجمـوعــة مـن الأدوية التى تحمل العلاج الكيماوى وتتوجه به إلى داخل الخلية السرطـانية مباشــرة، مما يستهدفها بشكل أكبر.
وحتى الأدوية التقليدية ومنها الهرمونية والكيمائية أصبح فيها أجيال أحدث بفاعليـة أعلـى وأعــراض جانبية أقـل، وأيضا حدث تطور كبير فى الأدوية المساعدة التى تجعل المريضة تتجنب الأعراض الجانبية للعلاجات المختلفة التى كانت تحدث فى وقت سابق كالقىء والغثيان، وحتى تساقط الشعر لم يعد بالشكل المخيف، فالعلاج الحديث يمنع تساقطه، كالعلاجات المناعية والموجهة والهرمونية وأنواع محددة من العلاج الكيماوى، فضلا عن التطور فى استخدام العلاجات المساعدة التى تحافظ وتمنع الشعور بألم العلاجات التقليدية. أيضا العلاج الإشعاعى الموضعى حدث به تطور فى التقنيات والأجهزة التى تساعد على تحقيق النتائج المرجوة باستهداف مكان الورم بشكل أدق وفاعلية أكبر.
الاكتشاف
ويضيف البسطويسي: هناك تقنيات تساعد على اكتشاف المرض قبل الإصابة به، مثل إجراء فحوصات دورية واكتشاف تغيرات جينية محددة تشير إلى احتمالية الإصابة بسرطان الثدى بنسب متفاوتة وفق نتائج التحاليل الجينية، وهنا يحدد طبيب الأورام عدة خيارات للمتابعة بشكل أدق من خلال اتباع بعض الإجراءات الوقائية، أو للاكتشاف المبكر فى حالة الإصابة، والوصول للشفاء بنسبة تتراوح بين 98 و100٪.
رسالة طمأنة
ويطمئن البسطويسي جميع السيدات بأن رحلة علاج سرطان الثدى أصبحت أكثر سلاسة وفاعلية بفضل التطورات الحديثة، وأكد أن هناك اختلافاً كبيراً فى نتائج العلاج اليوم مقارنة بما كان عليه الحال سابقاً، سواء من حيث عدد الخيارات المتاحة أو تقليل الأعراض الجانبية.
اقرأ أيضًا | في أكتوبر الوردي.. هذه الأكلات ممنوعة لمريضات سرطان الثدي
الدعم الأسرى
من جانبها، تؤكد الدكتورة نهى الشاعر، معالجة نفسية وشعورية ومتطوعة فى المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى، أن الكثير من المصابات بسرطان الثدى يعانين من آثار نفسية سلبية ناجمة عن الشعور بفقدان الثقة بالنفس، خاصة بعد فقدانهن لشكل من أشكال الأنوثة، سواء كان ذلك نتيجة الجراحة أو تساقط الشعر نتيجة العلاج الكيميائى، وهذا يؤثر فى الحالة النفسية للمريضة، مما يولد لديها شعورًا بالحزن والعزلة والاكتئاب، ويزيد من الخوف والتردد فى مواجهة المجتمع والأسرة.
وهذا الانخفاض فى الثقة بالنفس يجعل المريضة بحاجة ماسة للدعم العاطفى والمعنوى من الأسرة، الذى يلعب دوراً رئيسياً فى مساعدتها على تجاوز هذه الفترة الصعبة. فى هذه اللحظات الحرجة، يتجلى دور الزوج بصفة خاصة، كأحد أهم أعمدة الدعم النفسى، حيث يمكنه تقديم العون والمساندة من خلال تفهم مشاعرها وتقديم كلمات الطمأنة التى تُعيد بناء ثقتها بنفسها والتشجيع المستمر على أنها قادرة على التحدى والتغلب على المرض، فالدعم العاطفى من جانب الزوج لا يقتصر على كلمات الطمأنة، بل يمتد إلى أفعال يومية مثل تحمل المسئوليات المنزلية، والاعتناء بالأبناء، والتخفيف من الأعباء التى قد تزيد من توتر المريضة.
مساندات هامة
ولا شك أن باقى أفراد الأسرة يلعبون دورًا مهمًا ومؤثرًا فى تقديم العون والمساندة خلال رحلة العلاج، وأبرزهم الأفراد المقربون، كالأبناء، والأبوين والأشقاء، حيث يجب أن يكونوا جزءًا من شبكة الدعم التى تحيط بالمريضة، لتعزيز شعورها بالأمان والاستقرار.
وقد يشعر الأبناء، خاصة إذا كانوا صغارًا، بالقلق والخوف من مرض والدتهم، لذا، يجب أن يتم شرح الأمور لهم بطريقة مبسطة وملائمة لأعمارهم، بحيث يفهمون أن والدتهم بحاجة إلى دعمهم ومساندتهم فى هذه المرحلة، وتواجدهم بالقرب من الأم والاهتمام بأمور بسيطة مثل مساعدتها فى الأعمال اليومية أو تقديم لحظات من الفرح والمرح يمكن أن يخفف من حدة التوتر النفسى الذى تشعر به.
منذ 13 ساعة