أعلنت الحكومة الهندية، الأسبوع الماضي، أن روسيا سرحت عشرات من الـ 91 هنديا الذين خُدعوا للقتال مع القوات الروسية، في حربها ضد أوكرانيا.
وقد عاد الكثير منهم إلى بلادهم، بينما يجري العمل على إعادة الباقين. وتحدث مراسل بي بي سي، نياز فاروقي، مع البعض منهم عن المعاناة التي مروا بها.
"أنا مذعور. لا أعرف ما إذا كنت سأعود سالما أو في صندوق، أرجوكم أنقذوني".
هذه الرسالة بعث بها الجندي الهندي السابق، أورغن تامانغ، إلى بي بي سي، خارج إحدى المدن جنوبي أوكرانيا، قبل أيام قليلة من تسريحه من الخطوط الأمامية في الحرب الروسية على أوكرانيا، التي دخلت عامها الثالث في فبراير/شباط.
ويُعد تامانغ واحدا من 91 هنديا أرغموا على القتال في الحرب، أغلبهم من عائلات فقيرة، استدرجهم عملاء ووعدوهم بالأموال والوظائف "كأعوان" في الجيش الروسي.
قصص مقترحة نهاية
لكنهم أرسلوا إلى مناطق القتال. ويقول أغلبهم إنهم كانوا في أقاليم أوكرانية سيطرت عليها روسيا، ووجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل مع ألغام ومسيرات وقناصة، دون أي تدريب عسكري.
ولقي 9 هنود حتفهم في النزاع حتى الآن. وقالت السلطات الهندية إنها قبضت على 19 شخصا بتهمة تهريب البشر.
ووعدت روسيا، في يوليو/تموز الماضي بأنها ستسرح جميع الهنود، الذين يقاتلون مع قواتها، عقب زيارة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، لموسكو. وقال مودي إنه أثار القضية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وتربط البلدين علاقات تاريخية طيبة.
ومنذ تلك الزيارة، سرحت القوات الروسية 45 هنديا. وقد عاد بعضهم سالمين إلى بلدهم، وينتظر آخرون دورهم، مثل تامانغ.
"لا أصدق أنني خرجت من هناك". هذا ما قاله سونيل كاروا، وهو كهربائي من راجاسثان. والتحق بالجيش الروسي في فبراير/ شباط الماضي. كان متمركزا في مدينة باخموت، شرقي أوكرانيا، التي شهدت معارك طاحنة. وكان في مطار موسكو يستعد لركوب الطائرة عندما تحدث لبي بي سي.
ويصف كاروا في حديثه، مشاهد القتل والدمار، التي آلمته كثيرا عندما أصيب رجل من منطقته في ساحات المعارك.
وقال: "أعادوه إلى خطوط النار بعد 15 يوما من الإصابة، فأغمي عليه في ساحة القتال. وهو مشلول الآن".
وأغلب المجندين عمال يدويون مثله، تترواح أعمارهم ما بين 19 و35 عاما، جندهم عملاء مقيمون في الهند ودبي وروسيا.
ويقولون إنهم وقعوا على عقود باللغة الروسية، التي لا يعرفونها، أملا في الحصول على فرص أفضل.
وقال كاروا إن "الإجرءات كانت سريعة، وكانت عبارة عن بعض التوقيعات والصور، ثم أصبحنا في الجيش".
والتحق راجا باثان بالجيش، في فبراير/شباط، بعدما خدعه مستشار للدراسة في الخارج، وسجله في كلية لا وجود لها.
وقال: "عندما وصلت إلى هناك، وجدت إعلانات التجنيد في الجيش. وكنت وقتها قد أنفقت الكثير من الوقت والمال. فقررت الالتحاق بالجيش".
لكن مقتل اثنين من أصدقائه دفع باثان إلى المغادرة. وسُرح في أغسطس/آب الماضي بمساعدة قائد روسي تعاطف معه فسهل خروجه.
ويعمل الآن من إقامته في موسكو على مساعدة الهنود الآخرين على الهروب من هناك.
وعاد محمد سفيان، المنحدر من مقاطعة تلنغانا، إلى الهند يوم 12 سبتمبر/أيلول رفقة 5 رجال آخرين.
وهو الآن سالماً في بيته، لكنه يحمل آثار صدمة النجاة من خطوط النار، ويقول: "لم تكن هناك راحة. في البداية لم أتمكن من مكالمة عائلتي إلا بعد 25 يوما".
وكانت اللحظة الأكثر رعبا في فبراير/شباط، عندما قُتل صديقه هيميل هانغوكيا أمام عينيه.
يقول عن ذلك: "كان على بعد 15 مترا مني، يحفر خندقا في خيرسون، عندما سقط صاروخ. وضعت جثته بيدي في الشاحنة".
ويضيف: "عندما رأيت جثة صديقي لم أعد قادرا على القيام بأي شيء".
وبعد مقتل صديقه، أطلق سفيان وهنود آخرون عالقون هناك، مقاطع فيديو يطلبون فيها المساعدة. ووصلت صرخاتهم إلى النائب، أسد الدين عويسي، الذي أثار القضية مع وزارة الخارجية. واستنجدت عائلات الرجال أيضا بالحكومة لإعادتهم.
"عدت إلى أهلي بمعجزة"، هذا ما قاله أزاد يوسف كومار، من كشمير. وقد كان رفقة مجموعة سفيان في الجيش.
ويقول: "بينما تعمل على حفر خندق، يسقط صاروخ في لحظة فيدمر كل شيء. فالأمر متعلق بالحظ، فقد يسقط الصاروخ عليك أو على شخص آخر".
وفي فبراير/شباط، روى كومار لبي بي سي كيف أنه أطلق النار على رجله بالخطأ في التدريبات. وقال: "ظل القائد يقول لي: استعمل يدك اليمني لإطلاق النار، استعمل يدك اليسرى، أَطلق النار للأعلى، أَطلق النار للأسفل". وأضاف: "لم أكن لمست سلاحا ناريا من قبل. كان البرد شديدا والسلاح بيدي اليسرى فأطلقت النار على رجلي".
وهو الآن في كشمير يروي كيف أن قائده اتهمه بتعمد إطلاق النار على رجله حتى يتجنب الذهاب إلى خطوط النار.
ويقول: "لكنني محظوظ لأنني لم أذهب إلى ساحة القتال. فقد لقي أربعة رجال من مخيمي حتفهم في هجوم وقتها. وربما كنت واحدا منهم لو ذهبت".
وعلى الرغم من أن التسريحات الأخيرة أدخلت الراحة في نفوس الكثير من الهنود، فإن الذين لا يزالون عالقين في روسيا قلقون من تأخر خروجهم.
وقال تاماغ، الذي التحق بالجيش الروسي في يناير/كانون الثاني، لصحيفة أكسبرس الهندية، إن 13 من أصل 15 مجندين غير روس في وحدته قتلوا.
وما يزيد من شكوكه في عملية التجنيد هو أنه أُرسل إلى خطوط النار مرتين بعد توقيع وثائق تسريحه، في أغسطس/آب.
وفي يوم 15 سبتمبر/أيلول كان في طريقه إلى موسكو، لكنه لم يصدق أنه عائد إلى بلاده، وقال: "لقد خرجت، لكنني سأستمر في إرسال موقعي إليكم!".
منذ 7 أسابيع