أشخاص يتحولون من الحيوية إلى الانطفاء.. لا يريدون القيام بأي شيء.. يتراجعون في عملهم أو دراستهم وكل شيء يندرج تحت مظلة واجباتهم ومسئولياتهم.. يصابون بالاكتئاب.. يقتحم الحزن حياتهم نتاج وجودهم في علاقات سامة.
هكذا تختلف الحكايات وتتنوع تبقى حبيسة الجدران وخلف الأبواب المغلقة طالما لم يستطع أصحابها التعبير عنها ولكنها تتفق في شيء واحد هي المعاناة والمشاعر السلبية.
العلاقات السامة
بداية وردية تحوّلت إلى انتقادات وعنف لفظي ريهام زوجة في الـ 45 من عمرها لديها بنتين الأولى في الثانية عشر من عمرها والثانية في الثامنة من عمرها.
تحكي ريهام : كانت حياتي مع زوجي في أول الأمر وردية مليئة للبهجة، حتى تحول لانتقادي في كل شيء وتوجيه اللوم لي على أبسط الأشياء، مع الوقت تطور الأمر للعنف اللفظي أمام بناتي.
وتتابع: أصبت بالذهول للتحول من النقيض للنقيض، أصبحت الأيام مثل بعضها.. أوقات كثيرة كنت أغادر المنزل وامشي في الشارع وأنا ابكي من قلة الحيلة.
تكمل ريهام : تصيبني الحيرة فهو يعاملني بقسوة ثم يعود ليعاملني بحنان شديد فلا أعرف كيف أتصرف؟.. فكرت في الانفصال ولكن حذرني الكثير من صديقاتي فأنا لا املك دخل ولا أعمل وقد يرفض الإنفاق على أبنائي.
وتشير إلى أنها لجأت لمجموعات الدعم على السوشيال ميديا فأدركت أن المشاكل متشابهة كثيرا وعرفت أن زوجها يطلقون عليه الشخص النرجسي وأن ما هي فيه هو علاقة سامة.. مازالت ريهام تقف عند مفترق طرق لا تعلم الحل أو التصرف مع زوجها، كذلك مازالت تحلم الأحلام البسيطة كأن تستيقظ في الموعد الذي تريد وأن تشاهد التليفزيون وتتناول قهوتها دون أن يضايقها أحد وأن تحتفظ بكرامتها أمام أبنائها.
المجتمع يغفل أن الرجال أيضًا قد يكونون ضحايا ينفي مصطفى الانطباع السائد بأن النساء فقط هم ضحايا العلاقات السامة وهو يحكي تجربته قائلا : السائد في مجتمعنا أن السيدات هم ضحايا العلاقات السامة ولكن هناك رجال أيضا يعانون وأنا منهم.
مصطفى رجل يقترب عمره من الـ 40 عاما متزوج منذ 12 عاما ولديه بنت 10 سنوات وولد 6 سنوات.
يقول مصطفى: أشعر وسط أسرتي الصغيرة أنني في حالة إقصاء وتجاهل وأنني لا أمثل لهم سوى النقود فقط، وفي حالة إعلاني عن عدم توفير شيء من الأشياء تقوم زوجتي بمعاملتي بقسوة وتشجع أبنائي على إهمالي، إضافة إلى اتهامي بالتقصير أمامهم.
العلاقات السامة
ما هي العلاقة السامة؟.. استنزاف نفسي مستمر وفي هذا السياق، توضح الدكتورة إيمان الريس، استشاري النفسي والتربوي والأسري، أن العلاقة السامة هي تلك التي يُستنزف فيها أحد الطرفين نفسيًا أو يُسيطر عليه أو يُقلَّل من قيمته، مما يهدد استقراره وراحته النفسية على المدى الطويل.
علامات تؤكد أنك في علاقة غير صحية تقول الدكتورة إيمان الريس إن هناك مؤشرات واضحة تدل على أن العلاقة أصبحت سامة، من أبرزها:
- الشعور الدائم بالإرهاق النفسي بعد التعامل مع الطرف الآخر.
- غياب التقدير والدعم، ووجود نقد أو استهزاء مستمر.
- التحكم والابتزاز العاطفي.
- اللوم المتكرر والتهديد بالهجر أو العقاب.
- الإحساس المستمر بالذنب.
- العزلة عن الأهل أو الأصدقاء.
- انعدام الأمان النفسي والعاطفي داخل العلاقة.
عندما يكون الطرف السام هو الزوج أو الزوجة وتشدد الدكتورة إيمان الريس على ضرورة وضع حدود واضحة منذ ملاحظة أي استنزاف نفسي، وتنصح بـ: "التواصل الهادئ والمباشر لطرح المشكلة دون اتهامات، اللجوء إلى متخصص في العلاقات أو العلاج الأسري عند تعقّد الأمور، التفكير الجدي في الانفصال إذا استمر الأذى النفسي أو الجسدي حماية للنفس".
العلاقة السامة بين الآباء والأبناء.. كيف نعيد التوازن؟
في حال كان الأذى قادمًا من الأبناء، توصي الريس بالآتي:
1- تحديد الأدوار الأبوية بوضوح دون السماح بالإساءة أو الابتزاز.
2- استخدام الحزم المحترم دون قسوة.
3- البحث عن الأسباب الحقيقية خلف السلوك السلبي.
4- الاستعانة باستشارة تربوية أو نفسية متخصصة.
زملاء وأصدقاء سامون.. متى ننسحب؟ وعن العلاقات السامة في بيئة العمل أو الصداقة، تنصح الريس بـ: "تقييم العلاقة بشكل دوري وملاحظة أثرها النفسي، تقليل التواصل أو حصره في الرسميات إذا غاب التغيير، الانسحاب بهدوء من العلاقات المؤذية دون مواجهة غير ضرورية".
العلاقة السامة مع الوالدين.. معادلة صعبة وتصف هذا النوع بأنه الأصعب نظرًا للرابطة البيولوجية والاجتماعية، وتقدم نصائح عملية للتعامل: " التفريق بين الاحترام والرضوخ؛ فاحترام الوالدين لا يعني قبول الإهانة، اختيار التوقيت والطريقة المناسبة للحوار بهدوء وبدون اتهامات، خلق مسافة آمنة لتقليل الاحتكاك المؤذي، اللجوء لطرف عائلي وسيط عند الحاجة".
نصائح ذهبية للتعامل مع العلاقات السامة تختتم الدكتورة إيمان الريس حديثها بمجموعة من النصائح العامة، أبرزها:
- اعرف قيمتك جيدًا، فالناس يعاملك كما ترى نفسك.
- تعلم أن تقول "لا" دون شعور بالذنب.
- اعتنِ بصحتك النفسية حتى لو كان الثمن خسارة بعض الأشخاص.
- «تذكّر» ليس كل العلاقات تستحق الاستمرار، فبعضها يجب أن ينتهي لتبدأ رحلة التعافي.
طاقة الاحتمال وحدود التعامل مع الآخرين يؤكد الدكتور جميل صبحي على أهمية معرفة الإنسان لحدود طاقته النفسية وعدم تحميل نفسه فوق طاقتها في العلاقات المختلفة.
العلاقات السامة
الشخصيات السامة وأنواعها يشير الدكتور جميل صبحي إلى وجود أشخاص متعبين نفسيًا يُعرفون بـ"الشخصيات السامة" مثل: النرجسية، الشكاكة، والناقدة.
سمات الشخصية النرجسية وخطرها في العلاقات
يوضح الدكتور جميل صبحي أن الشخصية النرجسية تتلاعب بالمشاعر بين الاهتمام والعنف، مما يجعل الطرف الآخر متعلّقًا بها رغم الأذى الذي يتعرض له.
كيفية التعامل مع الشريك النرجسي يقدم الدكتور جميل صبحي نصائح للتعامل مع الشريك النرجسي سواء في علاقة حب أو زواج، ويؤكد على أهمية الصمود الداخلي وعدم التأثر بالعقاب الصامت أو النقد المستمر.
التصرف السليم عند التعرض للعنف الجسدي ينصح الدكتور جميل صبحي بضرورة اتخاذ موقف قوي وحازم من البداية، خاصة إذا كانت الضحية سيدة في علاقة زوجية، لتحجيم السلوك العنيف.
أثر العلاقات السامة على الأطفال وطرق التعافي يوضح الدكتور جميل صبحي أن الأطفال الذين يتعرضون لأذى نفسي أو أسري يحتاجون لاحقًا إلى متخصص نفسي لفهم آثار التجربة ووضع حدود صحية مع الوالدين.
الإحسان للوالدين لا يعني السماح بالأذى يشدد الدكتور جميل صبحي على أن الإحسان لا يعني التدمير الذاتي، بل قد يكون الإحسان أحيانًا في ردّ الوالدين عن الظلم أو الاستنزاف العاطفي.
العلاقات السامة
العلاقات المؤقتة وحدود التعامل في بيئة العمل ينبه الدكتور جميل صبحي إلى ضرورة وضع حدود في علاقات العمل، وتجنب الانخراط في الاستغلال أو الأحاديث السلبية عن الزملاء، مع فصل الصداقة عن الزمالة.
موضوعات قد تهمك:
منذ 13 ساعة