بوابة الوفد| في حوار مع بوابة الوفد. عميد طب القاهرة يكشف تفاصيل أضخم مشروع لتطوير قصر العيني

صرْحٌ عملاق عريق يتألق على أرض المنيل بالقاهرة منذ 198 عامًا، ليصبح منارة التعليم الطبي في مصر والشرق الأوسط وملاذًا آمنا للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية، إنه قصر العيني التابع لجامعة القاهرة.

قصر العيني أول مدرسة للطب تأسست فى مصر عام 1827 في عهد محمد على باشا على يد "كلوت بك" الطبيب الفرنساوى المشهور، لتصبح قبلة لدراسة الطب، وإعداد الأبحاث الطبية، وعلاج المرضى.

حاليًا، رسالة كلية قصر العيني تتضمن إعداد طبيب متميز ذى كفاءة عالية يتحلى بأخلاقيات المهنة ومستعد للتعليم المستديم، قادر على إجراء البحوث العلمية ومتمكن من تطبيق المعايير القومية والعالمية للرعاية الصحية، وخدمة المجتمع.

ونظرًا لتعاظم قيمة قصر العيني الذي يمتلك بنية تحتية هائلة من قاعات دراسة وامتحانات ومعامل ومستشفيات، ومتاحف، ومكتبات، قررت الحكومة تحويله إلى مجمع مستشفيات عالمي بمناسبة مرور مائتي عام على إنشائه.

لمعرفة تفاصيل مشروع التطوير، حاورت بوابة الوفد الإلكترونية الدكتور حسام صلاح مراد عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية بجامعة القاهرة، الذي تحدث بنبرات واثقة ورؤى ثاقبة ونظرات طموحة تصرّ على النهوض بهذا الصرح العظيم، وتتطلع نحو الصعود للعالمية.

خطة تحويل قصر العيني لمركز طبي عالمي بداية.. ما هي كواليس قرار تحويل قصر العيني لمجمع عالمي؟ في 10 سبتمبر 2024، اجتمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، والدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي، معي لإعلان هذا القرار التاريخي، لكن ذلك لم يكن وليد اللحظة فنحن ندرس هذا المشروع منذ ديسمبر 2021 وعقدنا 650 ألف ساعة دراسة للمشروع هندسيًا وفنيًا من قبل استشاري دولي، لتحديد الأولويات الطبية حتى عام 2050، ثم وضعنا رؤية دولية كاملة من خلال المعطيات الحالية من داخل المؤسسة الكبيرة، ووضعنا رسومات فنية من خلال دراسة رنين مغناطيسي للمنشأة لعدم وجود ذلك نظرًا لقدم عمرها، وعقدنا ورش عمل عديدة لبحث تطوير المنشأة لتطابق أحدث المسارات والدلائل الطبية ومعايير الجودة العالمية.

ما الأهداف الرئيسية لمشروع تطوير قصر العيني؟ ليس الهدف الأساسي من التطوير هو فندقة المنشأة بقدر ما نستهدف تقديم أفضل خدمة طبية، فنحن نستهدف أقل قدر من الفندقة وأعلى قدر من تحسين الخدمة الطبية، وبذلك نستهدف تحديث "قصر العيني" ليتماشى مع الأكواد الطبية العالمية، ومعايير الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الطبية، لتصبح مجمع عالمي، وزيادة عدد المواطنين المستفيدين من الخدمات الطبية المتميزة، واستفادة عدد أكبر من المرضى من الخدمات العلاجية بالمستشفيات، ومضاعفة إجراء العمليات الجراحية.

كما نستهدف حداثة المنظومة الصحية لدخول التأمين الصحي الشامل قبل 2030 لتحقيق مبادئ الاستراتيجية الوطنية للدولة المصرية، ومنها: العدالة والاستدامة والحوكمة والابتكار وسلامة البيئة.

إنشاء أول إسعاف نهري للخدمات الطبية حدثنا بشكل مفصل عن مشروع تطوير قصر العيني. بتطبيق مشروع التطوير سيصبح قصر العيني منشأة طبية مطابقة لكل المعايير العالمية، ومنها: معايير مكافحة العدوى وتطبيق الدلائل الإرشادية والمسارات الطبية لتحقيق العلاج السريع في الوقت المناسب للمريض؛ لأن قياس جودة الخدمة بالزمن والكفاءة الفنية، ونحن لدينا أفضل كفاءة فنية لكن المشكلة في الوقت بسبب تقسيمات المنشأة وبُعد المعامل وبنوك الدم والأقسام داخل المستشفى، كما نعمل على اعتماد المنشأة محليًا من هيئة الاعتماد للصحة والرعاية الصحية وهي نفس معايير الهيئات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك توجيه استثنائي من القيادة السياسية بضم أرض النيل إلى قصر العيني وإنشاء مهبط لطائرات الإسعاف الهليكوبتر بالإضافة إلى إنشاء أول إسعاف نهري للخدمات الطبية في مصر، وسيتم إنشاء مبنى استشفاء علاجي، ومبنى إضافي لمستشفى الطوارئ على أن يقسم إلى مبنى الطوارئ للحالات التي تحتاج إنعاش سريع، ومبنى خدمات اليوم الواحد لطوارئ العمليات، مثل: حالات الزايدة وقطع الوريد والمغص الكلوي، والأنيميا.

ويشمل مشروع التطوير زيادة المساحة الفعلية لقصر العيني من 190 ألف متر مربع لـ280 ألف متر مربع، بهدف استيعاب عدد أكبر من المرضى، مع إعادة الهيكلة والتقسيم لتوفير الوقت وتيسير العملية العلاجية، بالإضافة إلى وضع خريطة للمنشأة لتسهيل الوصول، وإنشاء مسارات لمختلف الفئات لتنظيم الحركة وتوفير الوقت، وسيتم تنفيذ تطوير للمباني مع الحفاظ على الطابع الأثري المعماري.

كما تشمل خطة التطوير القضاء على التكدس المروري الموجود بالمنطقة، وإتاحة أماكن انتظار للسيارات؛ فقصر العيني يتردد عليه 4 آلاف سيارة يوميًا، ويصل العدد في وقت الذروة لألف و400 سيارة، وبالفعل تمكنا من إتاحة 700 ركنة إضافية لحل العجز من خلال الاستخدام الذكي للمساحات؛ لأن تسهيل الحركة للمشاة والسيارات جزء أساسي من تسريع تقديم الخدمة الطبية للتغلب على المعاناة من الازدحام.

قصر العيني سيصبح مستشفى خضراء صديقة للبيئة هل تؤثر الاستفادة من المساحات بقصر العيني على المساحات الخضراء؟ نهتم كثيرًا بالمساحات الخضراء داخل مستشفى قصر العيني وبالتالي تم زيادة مساحة "اللاند سكيب"؛ لأنها بدأت في جزيرة المنيل كاستشفاء ونود أن نرجعها لهذا الهدف.

وبعد الانتهاء من تطوير قصر العيني سيصبح مستشفى خضراء صديقة للبيئة، ويتم توليد الطاقة الكهربائية من المخلفات بالإضافة إلى المحاولة في الألواح الشمسية.

خطة لتطبيق الأكواد العالمية في جميع المباني ما الهدف من تطوير المباني الحالية من الناحية الإنشائية؟ يجب تطوير المنشآت المتواجدة بالفعل لتقدامها، وبالتالي لم تعد مطابقة للمعايير، وأي منشأة طبية مرّ عليها 20 عامًا ستكون غير مطابقة للأكواد العالمية التي يتم تحديثها باستمرار، فغرف القسطرة والعمليات الجراحية الحالية ليست مؤهلة للأكواد الطبية العالمية، وبالتالي نحتاج لتطويرها وفقًا لذلك، فمثلًا سنحدّث الدهانات والأرضيات والستائر لتصبح مضادة للبكتيريا، أما في غرف العمليات فتكون مضادة للبكتيريا والحرائق.

في ظل تزايد الإقبال على الرعاية بقصر العيني.. هل تشمل الخطة زيادة عدد أسرّة الرعاية؟ بالطبع، نعمل على زيادة أسرة الرعاية المركزة لأن لدينا حاليًا 450 سريرًا بنسبة 7 في المائة من المنشأة وهي أقل من المعايير العالمية التي تتضمن 15 في المائة، وفي الدراسات المستقبلية ستصل إلى 25 في المائة في عام 2050؛ لذا قررنا زيادة الأسرة ضمن مشروع التطوير لتصل لنسبة 22 في المائة، وبذلك نقترب من المستهدف.

هل يتوقع زيادة القدرة الاستيعابية للمرضى عامة بعد التطوير؟ قصر العيني يستقبل قرابة 2.5 مليون في العام خلال الوقت الحالي، وبعد التطوير ستزداد القدرة الاستيعابية للمرضى لتصل نحو أربعة ملايين مريض عام 2040.

إنشاء الغرف الهجين في العمليات الجراحية ما أحدث الأجهزة الطبية التي سيتم إدخالها قصر العيني؟ ننشئ الغرف الهجينة في العمليات الجراحية وهي عبارة عن وحدات بها قساطر وأشعات وقتية مع التدخل الجراحي الغائر.

إلى أي مدى وصل الذكاء الاصطناعي في مستشفيات قصر العيني؟ نستخدم الذكاء الاصطناعي والروبوتات في العمليات الجراحية لكن يتم إدخاله بشكل تدريجي لتجنب المخاطر؛ لأن العالم كله يتجه لهذا المسار في الجراحات بل وصل إلى الجراحات الأون لاين حيث يكون الجراح في مكان آخر يوجه الروبوت الذي يؤدي العملية، وبالطبع نسعى دائمًا لمواكبة التطورات العالمية ولكن الأهم هو تعزيز الابتكار لدينا وخلق مجتمع مبتكر قادر على الإنتاج الطبي المستحدث سواء في الذكاء الاصطناعي أو التكنولوجيا الحديثة أو الاكتشافات الطبية.

ما الموعد المحدد للانتهاء من تنفيذ مشروع التطوير؟ كان من المقرر الانتهاء من مشروع التطوير خلال ستة أعوام منذ البدء في التنفيذ لكن تم تقليص المدة الزمنية لثلاثة أعوام فقط، تنتهي سنة 2028.

هل هناك نية لزيادة أسعار تذاكر الكشف بعد التطوير؟ نسعى لتقديم أعلى مستوى من جودة الخدمة الصحية بأقل سعر حتى نصل لكل المواطنين، وجميع الدراسات التي أجريناها للتطوير تتضمن أقل تكلفة، وبعد دخول المستشفى منظومة التأمين الصحي الشامل ستكون خدمة مجانية تمامًا؛ لأن الذين يميزنا عن المستشفيات الخاصة هو تقديم خدمة مدعمة.

تعظيم المحاكاة في التدريب الطبي كيف يتم تطوير التدريب الطبي لطلاب الكلية؟ نحن نأخذ مسؤولية تدريب أطباء الامتياز على محمل الجد، ونعمل على تحويل هذه المرحلة من مجرد تدريب إلى تجربة تعليمية شاملة وفعالة، والاستماع إلى المتدرب جزء أساسي من تطوير البرنامج، لأن الهدف هو إعداد طبيب قادر على خدمة المجتمع بكفاءة واقتدار. ونعمل باستمرار على رفع جودة التدريب من خلال تحسين التواصل عن طريق التكنولوجيا، وتدريب الطلاب على العمليات عن بعد، وتعظيم المحاكاة في التعليم، لأن المحاكاة أمر ملزم في التعليم الطبي الحديث لما به من أمان للطالب والمعلم والمريض، ولدينا بالفعل معامل محاكاة في تخصص النساء والتوليد ويعظمه الدكتور أحمد المناوي، ومعمل محاكاة في قسم البكالوريوس لتدريب الطلاب على كل الإجراءات، والإنعاش القلبي، لكن نريد التوسع به في جميع التخصصات بالكلية.

كم يبلغ عدد أفراد أُسْرة كلية الطب جامعة القاهرة؟ يدرس في مرحلة البكالوريوس 14 ألفا و344 طالبًا وطالبة لهذا العام الدراسي 2024-2025، من بينهم 5 آلاف و611 طالبًا وطالبة من الوافدين، و8 آلاف و733 طالبًا وطالبة من المصريين، ونحو 7 آلاف و500 طالب وطالبة في الدراسات العليا، أما أعضاء هيئة التدريس فيبلغ عددهم 6 آلاف و279.

ما أكثر الدول التي نستقطب منهم وافدين للدراسة في قصر العيني؟ لدينا وافدين من 39 دولة، أبرزهم: الكويت والسودان والعراق والهند والدول الإفريقية.

كم عدد البرامج الدراسية في كلية الطب؟ نقدم برنامجين اثنيْن مميزين، وهما البرنامج المتكامل قصر العيني IPKA الذي يطبق مناهج حديثة بنظام النقاط المعتمدة وتعتمد فلسفته على التنسيق والتكامل الرأسى والأفقى بين المقررات، وبرنامج التعليم الطبي الفرنسي الجديد KAF الذي ينطلق العام الدراسي المقبل 2025-2026، وتبلغ مصروفات كل منهما 150 ألف جنيه، بالإضافة إلى مائة برنامج في الدراسات العليا.

أعلنتم مؤخرًا عن دبلومة طب الكوارث.. ما أهميتها؟ عندما اطلعنا على المشكلات التي يواجهها العالم وخاصة دول الجوار وجدنا أنه من الضروري تقديم الدعم اللازم من خلال كلية الطب بالتنسيق مع الجهات المختصة، فدرسنا إنشاء مجلة لطب الكوارث ودبلومة تخصصية لطب الكوارث، وبالفعل أنشأنا تلك الدبلومة بالتعاون مع أكاديمية الطب العسكرية، وستمنح شهادة متميزة ومعتمدة محليًا ونسعى لاعتمادها دوليًا؛ لأنه تخصص نادر حول العالم.

تستهدف تلك الدبلومة التحديات الوبائية والبيئية والحروب وآثارها وغيرها من الكوارث التي يجب التعامل معها، ولا بد من إعداد كوادر جيدة للتعامل مع آثارها، ففي إحدى سفرياتي اكتشفت وجود فريق طبي مخصص لطب الكوارث متواجد على نفس الطائرة وأدركت وقتها أهمية هذا المجال.

شهادات مزدوجة في طب قصر العيني قريبًا ما خطة تطوير المناهج الدراسية بالكلية؟ نظراً للتطور السريع فى الرعاية الصحية وعولمة التعليم الطبى، تسعى كليات الطب للحاق بالنظم العالمية لمواكبة التطور بشكل مستمر، ونحاول تنقيح المناهج المكدسة من المحتوى الزائد الذي ليس له قيمة، وتحديثها بما يناسب احتياجات العصر، وبالفعل أضفنا مادة الذكاء الاصطناعي هذا العام بناء على توجيهات رئيس جامعة القاهرة، وقريبًا يتم إدراج مادة التحول الرقمي الطبي، فضلا عن ذلك نجري اتفاقات لإعداد شهادات بدرجات مزدوجة ستكون الأولى في نوعها بمصر، وسنعلن عنها فور الانتهاء منها.

إدخال الذكاء الاصطناعي في أعمال الكنترولات كيف يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في أعمال الكلية؟ نهتم كثيرًا باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم لأنه جزء مهم من رسالتنا؛ لذا نستخدمه في الجراحات وتدريب الطلاب والعمل داخل في الكنترولات وإدراج قوائم الطلاب وتنسيق العمل في الامتحانات لإيجاد حلول سريعة لأي مشكلة، وتحليل نتائج وإبراز المشكلات وتحسين الجداول وعدد ساعات العمل، لأن الذكاء الاصطناعي يفرق كتيرًا في الأداء ويوفر وقتًا وجهدًا كبيرًا.

ما خطتكم لإدخال الذكاء الاصطناعي في التدريس؟ نسعى لاستغلال الذكاء الاصطناعي في كل نواحي الكلية والمستشفيات، ويمكن أن يساهم في التدريس كأداة مساعدة مع المدرس، لكن ما زال التعليم يحتاج أستاذًا لتعزيز التحصيل والقيم والسلوك؛ لذلك فإن الـAI يمكن أن يصبح جزءًا من عملية التدريس لكن لا يمكن أن يحل محل الأستاذ.

هل تعتمدون على التدريس الهجين بين الحضور والأون لاين؟ بالطبع نعتمد على التعليم الهجين بين الحضور والأونلاين في عدد من المواد، ونتوسع فيه، كما نعمل على حوكمة ذلك وتأمين المنصة الإلكترونية الخاصة بالكلية.

هل لديكم خطة للتحول للامتحانات الإلكترونية؟ نعتمد على الامتحانات الإلكترونية جزئيًا ونسعى لتعميمها، وبالفعل لدينا قاعات تسمح بذلك؛ لأننا نمتلك أكبر قاعات امتحانات في كليات الطب المصرية، ولكن نتريث وندرس الموضوع جيدًا حتى نتخطى المخاطر والعواقب والآثار السلبية لها، وبدأنا بالفعل بالتطبيق في المواد الاختيارية، وعادة أغلب الامتحانات الإلكترونية تعتمد على الأسئلة الموضوعية الاختيار من متعدد التي تعتبر من الأسئلة الصعبة في وضعها.

مؤهلات الالتحاق بكليات الطب كيف ترى مستوى الطلاب الذين يترشحون للكلية من خلال مكتب التنسيق؟ بالطبع مستوى الطالب الحالي ليس كما السابق فنسبة الرسوب في الصف الأول يبلغ نحو 40 في المائة إلا أنها تصل بعد ذلك إلى 10 و15 في المائة وهي نسبة جيدة، فهناك جامعات في سويسرا يصل نسبة النجاح بها إلى 90 في المائة، ولا يمكن تحديد السبب خاصة مع تغيير مناهج الكلية باستمرار، لكن لننظر للجزء الإيجابي بأن تلك الأجيال تعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير وبالتالي يمكن الاستفادة منهم في ذلك.

من وجهة نظرك، ماذا يؤهل طلاب الثانوية العامة للالتحاق بكليات الطب؟ طلاب الثانوية العامة يمرون بمرحلة فارقة بين التعليم الأساسي والتعليم الجامعي، فعلى أبنائنا أن يفكروا كثيرًا في كيفية الاختيار وأن يستشرفوا المستقبل وما يروا أنفسهم فيه، ويمكن للطالب خلال الثانوية العامة أن يحدد أهدافه ومستقبله من خلال معرفة المواد التي يتميز بها، فمثلا المتميز في الأحياء يكون مؤهلًا لدخول الكليات الطبية، والمتميز في الرياضيات يكون مؤهلًا لكليات الهندسة، أما المتميز في الاثنين فلا بد أن يرى نفسه مبتكرًا لأنه يتمتع بالكثير من المهارات التي تفيد المجتمع والعالم.

الاختيار ليس صعبًا ولكن يجب أن نعرف مناطق القوة والضعف، وبعدها يجب أن نذهب لما نحب ثم نتقن ما نحب، لأن أية عملية تعليمية تحتوي على تحديات يواجهها الطالب، الحياة الجامعية تختلف كثيرًا عن التعليم الثانوي، وأنا دائمًا أقول لأبنائي الطلاب في الكلية أنتم تتعلمون الحياة قبل العلم.

مساعي لتوطين الصناعات الطبية واستحداث تقنيات AI بقصر العيني كيف ترى مستقبل كلية طب قصر العيني؟ لدي الكثير من الآمال في قصر العيني؛ لأننا نمتلك كفاءات بشرية هائلة لكن نسعى للتطور المستمر لمواكبة المستجدات العالمية، فالتغيير ليس سهلًا ويحتاج إلى استدامة، ونحن نتبنى الحداثة في التعليم ونسعى لتقديم الابتكارات اللازمة لتوطين الصناعات الطبية واستحداث تقنيات الذكاء الاصطناعي، حتى نصل للريادة ونتقدم إلى المراكز الخمسين الأولى على مستوى العالم، ونحن نستطيع فعل ذلك بأبناء الكلية؛ لأن منهم من سافر إلى الخارج وحقق نجاحات مبهرة.

ما الذي يعوق تحقيق تلك الرؤية؟ الاحتياجات المادية، لكن بالبحث العلمي يمكن تذليل كل ذلك من خلال المنح المحلية والدولية.

بماذا تنصح الخريجين الجدد من كلية الطب؟ أنصحهم بالاهتمام بالتدريب المهني وأن يختار مكانًا متميزًا يتعلم به المهارات في علاج مرضى، والاهتمام بالتدريب المستمر لمعرفة كل مستجد في الطب والاهتمام بالبحث العلمي.

ما رأيك في ظاهرة هجرة الأطباء؟ أتحفظ على هذا المصطلح؛ لأنني أراها أمرًا طبيعيًا، فهناك حراك في العقول الطبية، واستقطاب العقول المتميزة إلى دول الخليج وأوروبا، وأظن أن التنافسية في تقديم المقابل للمهنة هو ما ساعد على التحيز للخارج، فالدولة المصرية بها مقابل علمي وتدريبي لكن ليس كما الدول الأوروبية في المقابل هناك المقابل المادي متدني عن الدولة المصرية التي تسمح للطبيب بالعمل الخاص وبالتالي لا يمكن حساب دخله بالراتب الشهري في القطاع الحكومي فحسب.

وكيف نستقطب الأطباء للعمل في مصر؟ أرى أننا يمكن استقطاب الأطباء من خلال منحهم عدة تميزات تجعلهم يفكرون جيدًا قبل السفر، مثل: العلاج الراقي، وأولوية في الإسكان، بالإضافة إلى تحسين التدريب والعمل على إصدار شهادات معتمدة حول العالم.

البعض يستعين بشات GPT في التشخيص، كيف ترى ذلك؟ استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل غير متخصص أمر يمثّل خطورة، وهي مسئولية طبية على من يفعل ذلك؛ لأنه حتى الآن لم يصرح باستخدامه في التشخيص أو العلاج لكن يمكن الاستدلال به عن بعض المعلومات، وليس في أمر حرج كصحة المريض، وربما يكون له قواعد ومدونات في الممارسة الصحية مستقبلًا لكن حتى الآن أنصح بعدم استخدامه.

اختفاء أطباء الأشعة والمعامل في المستقبل هل يتغير دور الطبيب في عصر الذكاء الاصطناعي؟ في المستقبل لن يتم الاحتياج للأطباء في مجالات الأشعة والمعامل والعمليات الجراحية التي ستجرى من خلال روبوت، ويقتصر دور الطبيب على البحث العلمي وإمداد الذكاء الاصطناعي بالمعلومات اللازمة، ولا أنكر أننا ما زلنا نحبو في الذكاء الاصطناعي حتى لا نشعر بإحساس كاذب بالنجاح، على الرغم من أن لدينا طلاب في الكلية تمكنوا من نشر بحوث في دوريات دولية.

وهل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان الطبيب؟ حتمًا سيستبدله، ويستبدل الإنسان بشكل كبير وهذا يحتم علينا مواكب التطور الهائل في الذكاء الاصطناعي، والعمل على التعامل معه، وتوجيه التدريب له لأنه يحتاج دعم بشري.

رحلة الصعود إلى عمادة قصر العيني كيف تدرجت في المناصب حتى توليت منصب عميد كلية طب قصر العيني؟ تدرجت في مناصب بسيطة خلال مسيرتي في قصر العيني، فكنت أكلف بأي عمل إداري داخل تخصصي المخ والأعصاب منذ عام 2005، حتى توليت منصب مدير وحدة السكتة الدماغية في الفترة من 2013 وحتى 2017 ثم نائب مدير مستشفى المنيل القبلي عام 2015 ثم مديرًا له عام 2017 ثم نائب مدير المستشفيات التنفيذي عام 2020 ثم مدير المستشفيات الجامعية عام 2021 حتى وصلت إلى منصب العميد عام 2023.

ما هي أبرز التحديات التي واجهتك عند توليك هذا المنصب؟ لم أكن أريد تولي أية مناصب لكنني كنت أكلف بها باستثناء منصب العميد الذي تقدمت له، لكني عملت في المناصب الإدارية منذ 20 عامًا، وبالتالي لم أتعرض لأية مشكلات بعد تولي العمادة؛ لأننا جميعًا شركاء في النجاح، ونعمل في جو من الحب بهدف واحد وهو النهوض بالكلية.

يقولون إن وراء كل رجل عظيم امرأة.. كيف تدعمك زوجتك في ظل أعباء مسئولية هذا الصرح؟ في الحقيقة، هي تحملت عدم رؤيتي وتواجدي معها بشكل دائم منذ تولي المنصب؛ لأنني أعمل ما لا يقل عن 16 ساعة يوميًا وهذا يجعلني غير متاح لها وللأولاد الذين يتحملون غيابي، ولأن زوجتي طبيبة وزميلة في كلية الطب فهي تساعدني في بعض الأمور الطبية والتقنية.

بصفتك أستاذ في المخ والأعصاب، ما أهم النصائح للحفاظ على صحة الأعصاب؟ السلامة الصحية للعقل والأعصاب أمر ليس بالهين والسهل، فسلامة العقل تحتاج إلى سلامة الجسد؛ لذا أنصح بممارسة الرياضة والحفاظ على الوزن والنوم مبكرا والبعد عن التدخين ومتابعة الأمراض المزمنة، مثل: الضغط السكر والأمراض المناعية والكلى والغدد لأنها تسبب مشكلات في الأعصاب الطرفية.


المزيد من بوابة الوفد

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 7 دقائق
منذ ساعة
منذ ساعة