تقارير صحية، أكدت أن التهابات المسالك البولية، من الأمراض المزمنة، وتسبب تلفاً في الكلى وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، التي أشارت من جانبها، إلى أن هذه الالتهابات من أكبر الأسباب الطبية للعمى في العالم، ويعاني منها نحو 450 مليون شخص، مما يجعلها من أكبر الأمراض العالمية التي تؤثر على الصحة العامة وجودة الحياة.
وأشار مؤتمر طبي، عقد أخيراً، إلى أن أكثر من 150 مليون شخص يصابون بالتهابات المسالك البولية سنوياً على مستوى العالم، وأن هذه الالتهابات، تعد من أكثر أنواع الالتهابات شيوعاً وتصيب الرجال والنساء من جميع الفئات العمرية، وأن نصف نساء العالم يتعرضن للإصابة بها في مرحلة ما من حياتهن، وتزداد مخاطر الإصابة خلال فترة الحمل وبعد انقطاع الطمث، وتزداد مخاطر ظهورها لدى الأشخاص الذين يعانون من إصابات في الحبل الشوكي ومرضى السكّري ومرضى التصلّب العصبي المتعدد، وأن كبار السن أكثر عرضة للإصابة لما يعانونه من مشكلات صحية وأمراض مزمنة متصلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهو الأمر الذي يحد من قدراتهم الجسدية على مقاومة الالتهابات. وبحسب التقارير الصحية العلمية، فإن علاج بعض الحالات المرضية يتم عن طريق وصف بعض أنواع المضادات الحيوية يتناولها المريض لمدة زمنية معينة يحددها الطبيب، بعضها يستجيب والبعض الآخر قد لا يستجيب للمضادات الحيوية، فتتحول إلى أمراض مزمنة تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى.
1000 مستفيد في الشرقية
في السعودية، تعتبر التهابات المسالك البولية من الأمراض الشائعة، وتتطلب العناية الطبية المناسبة للحدّ من تفاقمها، وقدم أطباء المسالك البولية بالمنطقة الشرقية، خدمات تخصصية لأكثر من 1000 مستفيد، وأجروا عمليات جراحية لأكثر من 288 مريضاً خلال 2022م. فيما أعلن تجمع الأحساء الصحي «أن عدد المستفيدين من وحدة المسالك البولية بمستشفى الملك فهد بالهفوف بلغ 1040 مريضاً؛ منهم 82 حالة تخطيط مثانة ديناميكي، و173 حالة عمليات صغرى، و785 تلقوا خدمات أخرى في الوحدة، وأن وحدة المسالك البولية، تقوم بإجراء العمليات البسيطة لإزالة الدعامات الحالبية ومناظير المثانة، وعمل دراسات تخطيط المثانة الديناميكية، وجلسات الحفز العصبي للمثانة، وكذلك جلسات علاج المثانة لمتلازمة الالتهاب النسيجي، وتبديل القساطر، وتعليم القسطرة الذاتية، وأن عيادة جراحة المثانة العصبية والترميم الحوضي أسهمت في خفض نسبة الإحالات لخارج الأحساء في التخصص الدقيق جراحة الأعصاب والترميم بنسبة 66%، إذ قدمت خدماتها منذ افتتاحها 2022م، لـ582 مريضاً، والتي كانت تُحال سابقاً للمستشفيات التخصصية خارج الأحساء».
أكثر شيوعاً في النساء
الاستشاري رئيس قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى الملك فهد العام بجدة الدكتور أيمن السليماني، قال: إن التهابات المسالك البولية، تعد من أكثر الأمراض شيوعاً في جميع أنحاء العالم؛ وهي عدوى تصيب الجهاز البولي الذي يشمل الكليتين، الحالبين، المثانة، والإحليل، وتحدث غالباً نتيجة دخول البكتيريا، خصوصا الإشريكية القولونية من الجهاز الهضمي إلى المسالك البولية، وتُعتبر المثانة والإحليل أكثر عرضة للإصابة، وهي أكثر شيوعاً بين النساء بسبب عوامل تشريحية وهرمونية، قد تزيد قلة النظافة الشخصية، احتباس البول، النشاط الجنسي، وبعض الأمراض المزمنة مثل السكري من خطر حدوثها.
وتشمل أعراضها، ألماً أو حرقة أثناء التبول، رغبة متكررة في التبول مع خروج كميات قليلة من البول، وتغير لون البول الذي قد يصبح داكناً أو يحتوي على دم. كما يمكن أن تكون هناك رائحة كريهة للبول وآلام في أسفل البطن أو منطقة الحوض في الحالات الأكثر شدة، خصوصاً إذا انتشرت العدوى إلى الكلى، قد تظهر حمى وقشعريرة، وآلام في الجانبين أو أسفل الظهر، وغثيان أو قيء، والشعور العام بالإرهاق قد يكون أيضاً أحد الأعراض.
اشرب الماء بإفراط
رئيس قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى الملك فهد العام الدكتور السليماني، أوضح أن الوقاية منها تتم من خلال شرب كميات كافية من الماء لتطهير الجهاز البولي وطرد البكتيريا، والتبول بانتظام دون تأخير. ويُنصح بالتبول بعد العلاقة الجنسية لتنظيف المسالك من البكتيريا المحتملة وارتداء ملابس داخلية قطنية لتقليل الرطوبة وتجنب استخدام المنتجات المهيجة مثل الصابون القوي.
وحذر استشاري المسالك البولية الدكتور السليماني، من إهمال علاجها، وقال: إذا لم يتم علاج العدوى بشكل صحيح، فقد تنتشر إلى الكلى مسببة التهاب الكلى الحاد، الذي قد يؤدي إلى تلف دائم في أنسجة الكلى ويمكن أن تتطور العدوى إلى تعفن الدم وهي حالة خطيرة تهدد الحياة. ولدى النساء الحوامل، يمكن أن تسبب التهابات المسالك غير المعالجة ولادة مبكرة أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة، فالعدوى المتكررة قد تؤدي إلى التهاب مزمن في المثانة، ضعف جدارها العضلي، أو مشكلات في التبول. كما أن الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية يمكن أن يؤدي إلى ظهور بكتيريا مقاومة للعلاج، موضحاً أن التهابات المسالك البولية تصيب الجنسين بجميع الأعمار، لكنها أكثر شيوعاً لدى النساء، وتقل عند الرجال، بسبب عوامل مثل تضخم البروستاتا أو انسداد المسالك البولية، مشيراً إلى أن الأطفال أيضاً عرضة للإصابة، خصوصاً إذا كانت لديهم مشكلات خلقية في الجهاز البولي أو ضعف في النظافة الشخصية، وأن الأعراض لديهم قد تكون أقل وضوحاً وتشمل الحمى أو التهيج لدى الرضع، بينما تظهر بشكل أوضح عند الأطفال الأكبر سناً مثل ألم أثناء التبول أو التبول المتكرر.
إنذار لمرضى السكري والضغط
رئيس قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى الملك فهد العام الدكتور السليماني، أشار إلى أن المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية، فمرض السكري، على سبيل المثال، يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة وزيادة مستويات السكر في البول، مما يخلق بيئة مثالية لنمو البكتيريا، كما أن بعض مرضى السكري قد يعانون من اعتلال الأعصاب الذي يضعف الإحساس بالحاجة إلى التبول، مما يؤدي إلى احتباس البول وزيادة خطر العدوى. أما مرضى ارتفاع ضغط الدم، فقد تكون لديهم مشكلات في الكلى أو يستخدمون أدوية مدرة للبول، مما يغير التوازن الطبيعي للجسم ويزيد من خطر الإصابة. لذلك، هذه الفئة تحتاج إلى مراقبة دقيقة واتخاذ تدابير وقائية إضافية.
وزاد استشاري المسالك البولية الدكتور السليماني، أن القسطرة البولية، تُعد من الأسباب الرئيسية لالتهابات المسالك البولية، إذ تتيح للبكتيريا الوصول المباشر إلى المثانة، وكلما طالت مدة استخدام القسطرة زاد خطر الإصابة. ولتقليل هذا الخطر، يحرص الطبيب على تعقيم كامل أثناء تركيب القسطرة واستخدامها فقط عند الضرورة، لذلك يُفضل إزالة القسطرة فور انتهاء الحاجة إليها، مع متابعة الحالة بشكل دوري. وإذا ظهرت أي علامات عدوى مثل الحمى أو تغير لون البول، قد يتم استبدال القسطرة ووصف العلاج المناسب مثل المضادات الحيوية.
متى يتدخل الطبيب؟
الاستشاري رئيس قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى الملك فهد العام بجدة الدكتور أيمن السليماني، دعا إلى مراجعة الطبيب فوراً إذا ظهرت أعراض شديدة مثل ألم حاد أثناء التبول، دم في البول، حمى أو قشعريرة، وألم في الجانبين أو أسفل الظهر. وإذا استمرت الأعراض دون تحسن بعد يومين رغم شرب الماء أو العلاجات المنزلية يستدعي ذلك تدخلاً طبياً، خصوصاً لمن يعاني من التهابات متكررة أو لديه أمراض مزمنة مثل السكري أو ضعف المناعة، وهذا ينطبق أيضاً على النساء الحوامل لتجنب المضاعفات على الأم والجنين، كاشفاً أن الهذيان أو الشعور المتزايد بالتشوش يُعتبران من الأعراض الخطيرة التي قد تصيب مرضى التهابات المسالك البولية، خصوصاً كبار السن. وهذا يحدث عندما تنتشر العدوى إلى مجرى الدم أو تصل إلى الكلى، ما يؤدي إلى حالة تُعرف باسم تعفن الدم، فعندما يدخل الجسم في هذه الحالة، تحدث استجابة التهابية شديدة تؤثر على وظائف الدماغ، مما يسبب اضطراباً في التركيز والإدراك، خصوصاً عند كبار السن، وقد يكون الجهاز العصبي أكثر حساسية لأي اضطراب في وظائف الجسم، حتى لو كانت العدوى محصورة في المثانة. التشوش والهذيان في هذه الحالة يُعتبران إنذاراً مبكراً للحاجة إلى تدخل طبي فوري لتجنب تفاقم العدوى ومضاعفاتها. لذلك، يجب على المرضى وعائلاتهم الانتباه لهذه الأعراض وطلب الرعاية الطبية العاجلة عند ظهورها.
1.5 لتر من السوائل تكفي
استشاري أمراض المسالك البولية الدكتور أحمد توفيق، أوضح أن التهابات المسالك البولية، تختلف أسبابها حسب عمر المريض، وفي الأطفال تكون العيوب الخلقية مثل ارتجاع الحالب أو انسداد مجرى البول أحد الأسباب الرئيسية، وفي السيدات تكون الالتهابات المهبلية الأكثر شيوعاً.
وفي الرجال العدوى الجنسية وتضخم البروستاتا والحصوات أحد الأسباب الرئيسية، وغالباً تكون الالتهابات غير خطيرة ومحدودة في الجهاز البولي السفلي، إلا في حالات معينة نعتبرها التهابات ذات خطورة مضاعفة.
استشاري أمراض المسالك البولية الدكتور توفيق، أوضح أن الحالات الخطرة تشمل الالتهابات في السيدات الحوامل، والالتهابات المصاحبة بأمراض نقص المناعة (والسكر غير المنتظم)، والالتهابات المصاحبة بارتفاع شديد للحرارة والرجفة التي تعني وصول الالتهابات إلى منطقة الكلى.
ويعتبر الإكثار من شرب السوائل هو الركيزة الأساسية في علاج ومنع حدوث الالتهابات. إذ إن الحصول على 1.5 لتر من السوائل يوميا يعني تخفيف تركيز الميكروبات وتخفيف تأثيرها على الجسم.
وفي المرضى الذين يعانون من التهابات متكررة (غير مصاحبة بارتفاع الحرارة) أكثر من 3 مرات سنويا.
من هم الأكثر عرضة؟
يلاحظ استشاري أمراض المسالك البولية الدكتور توفيق، أن كبار السن من الرجال والسيدات هم أكثر عرضة للالتهابات؛ نظراً للتغيرات الهرمونية لدى السيدات وتضخم البروستاتا في الرجال وكذلك الأمراض الأخرى المصاحبة للتقدم في العمر مثل مرض السكري. وتعتبر الحصوات أيضاً أحد العوامل المساعدة في حدوث الالتهابات، كما أن ألم الحصوات أحياناً يعطي صورة قريبة من التهابات المسالك البولية، ويجب التفريق بينهما من خلال تحليل البول والأشعة التلفزيونية، خصوصاً إذا كانت الالتهابات مصاحبة بألم في أحد الجانبين، وعوامل الخطورة أو ما نسميها التهابات مضاعفة بالمسالك البولية تشمل السيدات الحوامل ومرضى نقص المناعة ومرضى انسداد الحالب نتيجة وجود عيوب خلقية أو حصوات، وهذه الحالات تقتضي أحياناً التنويم واستعمال مضادات حيوية وريدية أو التدخل الجراحي بالمناظير في حالات معينة. ويضيف استشاري المسالك البولية الدكتور توفيق، أن هناك فئة من التهابات المسالك البولية تسمى (التهابات متكررة في المسالك البولية) وهي تعني حدوث نوبات التهابات أربع مرات أو أكثر في العام، ومن أسبابها وجود انسداد بالمسالك البولية، العيوب الوظيفية بالمثانة؛ أو الحصوات، نقص المناعة وعدم انتظام السكري، وأحياناً تحدث التهابات متكررة دون سبب واضح، خصوصاً لدى السيدات في منتصف العمر، إذ قد تعاني بعض السيدات من تكرار الالتهابات وهناك بعض النظريات التي حاولت شرح زيادة قابلية الالتهابات في أجسام وأشخاص معينة ولكن لم يتم تأكيدها في كل المرضى، ويمكن الاستفادة لمعالجة هذه الالتهابات بتناول التوت البري، (ولكن وجب التنبيه أنها تساعد في منع حدوث الالتهابات أو كعامل مساعد أثناء العلاج ولكن لا يعتمد عليها وحدها كعلاج).
منذ يومين