مصر كانت على فوهة بركان من الغضب والقوات المسلحة انحازت لإرادة الشعب
الهدف الوحيد كان إنقاذ البلاد من مخاطر الحرب الأهلية
جيش مصر سيبقى مدافعا عن الوطن مهما كانت التحديات
فى وثيقة تاريخية مهمة، يقدم الكاتب الصحفى والنائب البرلمانى مصطفى بكرى كتابه ثورة 30 يونيو: الطريق إلى استعادة الدولة ، يحكى فيه كونه كان شاهدًا عن قرب حول ما شهدته مصر من أحداث مفصلية، خلال تلك الفنرة التى سبقت ثورة المصريين فى 30 يونيو 2013، وما عاشته مصر خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية فى حالة من الفوضى والتخريب المتعمد، انتشرت فيها عمليات القتل والنهب والإقصاء والكراهية، وأصبحت البلاد مهددة بالانهيار والحرب الأهلية التى لن تُبْقِى ولن تَذَرْ.
مصطفى بكرى يرصد فى كتابه بعضًا من وقائع ما جرى خلال الأيام الأخيرة لحكم الجماعة، والصراعات التى شهدتها الساحة المصرية، وصولًا إلى ثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو 2013، وانحياز الجيش المصرى لها فى الثالث من يوليو من العام نفسه.
يقدم بكرى فى كتابه معلومات مهمة، عن المرحلة الخطيرة التى عاشتها مصر فى أعقاب انحياز الجيش للثورة، وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلى منصور، مهام الحكم فى هذه لمرحلة التاريخية الصعبة.
ويحلل فى إطار الرصد التاريخى الصعوبات، والأزمات التى واجهت الجيش والشرطة وأحداث العنف، التى انتشرت فى أنحاء البلاد وراح ضحيتها آلاف الضحايا والمصابين، بالإضافة إلى حرق العديد من المؤسسات العامة والخاصة، ودور العبادة الإسلامية والمسيحية على السواء.
ويعد هذا الكتاب واحدًا من أهم الكتب التى تؤرخ لهذه الفترة، خصوصًا أن مؤلفه كان قريبًا من دوائر صُنْع القرار، متابعًا لما يجرى راصدًا لكل وقائعها بدقة وأمانة وموضوعية.
كما يعد استكمالًا للعديد من الكتب التى سبق إصدارها، فى أوقات سابقة، والتى تتضمن تأريخًا أمينًا للأحداث التى شهدتها مصر، ابتداءً من ثورة 25 يناير 2011، حتى ثورة الثلاثين من يونيو 2013.
صورة حية
وحرص الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، أن يقدم تفصيلًا دقيقًا بالكلمات، كأنها صورة حية، فى الخمسة عشرة فصلًا التى تضمنها الكتاب الذى أهداه إلى شهداء الثورة، الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن ودفاعًا عن الهوية.
ويصف بكرى فى مقدمة الكتاب مشاعره كمواطن مصرى، كيف كان تردى الأوضاع السياسة ما قبل الثلاثين من يونيو فيقول: الأجواء كانت تنذر بعاصفة شديدة، الناس تستعد للاحتشاد، أجراس العودة تقرع بشدة، حالة استنفار فى كل الشوارع والبيوت، المخاطر المحيطة لم تزعزع قناعات البشر، كان الهدف محددًا إنه خيارنا الوحيد .
وأضاف أنه منذ تولى جماعة الإخوان مقاليد الحكم فى البلاد، ساورتنا المخاوف كثيرًا، مضت الأيام ببطء شديد، تزايدت وتيرة النف فى وأكد، لكننا كنا على ثقة بأن اللحظة قد أوشكت، وأن نهاية حكم الجماعة حانت بلا جدال.
ووصف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، أن مصر فى الثلاثين من يونيو 2013، كانت على فوهة بركان من الغضب، فيصف صورة للمشهد فى هذا اليوم، قائلًا: منذ الصباح الباكر بدأت الحشود تتدفق إلى جميع الميادين، بطول مصر وعرضها، مضيت من ميدان التحرير باتجاه القصر الجمهورى بالاتحادية، خمس ساعات قضيناها فى الشوارع والميادين، كان هناك تصميم أكيد على إسدال الستار، على هذه الحقبة السوداء فى تاريخ الوطن.
وأكد فى مقدمة الكتاب، أن وسائل الإعلام قدرت أعداد المتظاهرين وفقًا لتعداد موقع «جوجل» بنحو 33 مليون متظاهر، نزلوا إلى الشارع فى هذا اليوم، كانت مصر كلها تموج بالتظاهرات الحاشدة، والمطالبة بإنقاذ البلاد.
شبح الحرب الأهلية
وأشار بكرى، إلى الضغوط الدولية التى كانت تُمَارَس آنذاك على قيادة الجيش المصرى، والقائد العام الفريق أول عبد الفتاح السيسى، محذرة من مغبة الانحياز لمطالب الشعب المصرى، فإن قيادة الجيش لم تُعطِ هذه التحذيرات اهتمامًا، كان الهدف الوحيد هو كيف يمكن إنقاذ البلاد من مخاطر الحرب الأهلية، التى تطل برأسها من ميدان رابعة، ومناطق أخرى عديدة، حشدت فيها جماعة الإخوان كوادرها استعدادًا للحظة الهجوم.
وأكد قائلًا، إن الفريق عبد الفتاح السيسى، سعى إلى تفادى الصدام والاعتداء على المتظاهرين السلميين، قدم النصيحة أكثر من مرة، إلا أنه لم يجد آذانًا صاغية وأصواتًا عاقلة داخل هذه الجماعة، بل إن صحيفة الجارديان البريطانية نشرت فى اليوم التالى، حديثًا مع محمد مرسى قال فيه متحديًا الجميع: إما أنا أو الفوضى، وأرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة .
ويذكر بكرى فى الفصل الأول الرهان الكبير ، قائلًا: عادت بى الذاكرة إلى ألأحد الثامن والعشرين من إبريل من العام 2013، حين وجهت الشئون المعنوية دعوة إلى عدد من الأشخاص، ورؤساء التحرير، من أصحاب المواقف المعادية لجماعة الإخوان، لحضور احتفال الجيش بأعياد تحرير سيناء بمسرح الجلاء، وخرجت الصحف فى اليوم التالى تزف البشرى للمصريين، وتقول إن جيش مصر سيبقى مدافعًا عن الوطن، مهما كانت التحديات، ولن يُمَسَّ شعب مصر بأى سوء مهما كانت الأوضاع.
وفى الفصل الثانى، يستعرض الكتاب فيه المواجهة مع مرسى ، وكيف أصبح الوضع بعد اجتماع قادة القوات المسلحة مع محمد مرسى، محاولة لإنقاذ البلاد من الانقسام الذى لم يحدث مثله فى تاريخ مصر، وطلب الفريق أول عبد الفتاح السيسى من اللواء محمود حجازى، مدير المخابرات الحربية آنذاك، أن يقرأ تقرير الموقف الإستراتيجى للأزمة وسبل الحل ، لكن مرسى تجاهل ذلك، وبعدما غادر القائد العام وأعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة مبنى قصر القبة بعد اجتماعهم مع مرسي، وعقدوا اجتماعًا بمقر وزارة الدفاع فى شارع الخليفة المأمون، وراحوا يدرسون الموقف من جميع أبعاده فى هذا الوقت، واصفًا: لقد ظل الاجتماع منعقدًا لعدة ساعات تم خلاله استعراض الموقف من كل اتجاهاته، وقال السيسى فى هذا الاجتماع: إنه لا أمل ولا رجاء من محمد مرسى وجماعته، والقوات المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدى أمام المخاطر التى تحدث بالبلاد من كل اتجاه . وأضاف بكرى مؤرخًا كان الكل على قناعة، أن القوات المسلحة يجب أن تتدخل للتحذير من خطورة الأوضاع واحتمالية الصدام، مؤكدًا أنه فى هذا الاجتماع، تم الاتفاق على خطة المواجهة بغرض حماية البلاد من خطر الحرب الأهلية التى قد تنزلق فيه.
وتناول مصطفى بكرى فى الفصل الثالث، تفاصيل قضية اقتحام السجون التى ترافعت فيها النيابة العامة فى 22 يونيو 2013، التى كشفت عن معلومات خطيرة لجماعة الإخوان، حول وقائع ما جرى ودور حركة حماس وجماعة الإخوان فى سيناريو الأحداث، الذى شهدته البلاد فى أعقاب أحداث 25 يناير 2011. وفى الفصل الرابع بعنوان خطاب النهاية تناول بكرى تفاصيل الخطاب الأخير لممحمد مرسي، والمعلومات التى وصلت إلى القائد العام للقوات المسلحة، تفيد بأن جماعة الإخوان أعدت مخططا لاعتفال القيادات المهمة أثناء خطاب الرئيس مرسى وما حواه من أكاذيب وادعاءات وتزييفً للحقائق.
وحكى بكرى عن تلقيه رسالة تهديد آنذاك، بأنه سيتم اعتقاله مع عدد آخر من الإعلاميين على أيدى عناصر من جماعة الإخوان، ورفضه مغادرة منزله برغم هذه التحذيرات.
بيان 3 يوليو
واصل بكرى سرده للأحداث عن لحظات الحسم ، فيقول فى شهادته وتوثيقه، إنه مع تطور الأحداث ظل قادة الجيش فى يقظة كاملة، بينما البلاد تموج بالمظاهرات، ولم يكن هناك من خيار آخر، بعد أن صممت الجماعة على رفض المطالب الشعبية، وفى تمام الساعة التاسعة من مساء الأربعاء الثالث من يوليو، صدر البيان الذى أعلنه القائد العام الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وسط عدد من الرموز لعسكرية والمجتمعية، والذى حدد فيه ملامح المرحلة المقبلة وخريطة المستقبل.
فى هذا الكتاب، رصد أيضًا تفاصيل الأيام العشرة الأخيرة التى سبقت اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو، كما تطرق بكرى إلى مرحلة ما بعد الثورة وصولًا إلى انحياز الجيش لإرادة الشعب، وما تلاها من أحداث جسام شهدتها مصر فى تلك الفترة الخطيرة من تاريخ البلاد.
وتناول أيضًا التطورات التى شهدتها مصر فى هذه الحقبة التاريخية المهمة وحتى وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى، لمهام السُّلْطَة فى الثامن يونيو 2024، مشيرًا إلى أنه سيتناول فى الأجزاء المقبلة للكتاب مرحلة ما بعد تولى الرئيس لمهام السلطة فى البلاد.
منذ 18 ساعة