منذ 5 ساعات
حسن فتحي بين «قباب الصعيد» و«بيوت القرنة».. محطات في حياة «شيخ المعماريين» وصاحب «عمارة الفقراء»| صور

شيخ المعماريين المصريين، والراعي الرسمي لعمارة الفقراء، وصاحب نظرية "العمارة الخضراء" الصديقة للبيئة .. إنه المهندس حسن فتحي الذي تحل اليوم ذكرى وفاته الخامسة والثلاثين، حيث رحل عن دنيانا في 30 نوفمبر عام 1989م.

في هذا التقرير، نستعرض مسيرة الرجل الذي امتدت حياته لـ 89 سنة، آمن خلالها بأن كل قرية مصرية يجب أن يكون لها طرازها المعماري الخاص.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

سير ومسيرة البداية من الإسكندرية، وبالتحديد في في 23 سبتمبر عام 1900م لأسرة ميسورة الحال، لكنه انتقل مع أسرته للعيش في حلوان عندما بلغ الثامنة من عمره.

غلب عليه حب الفن منذ صغره؛ لذا قرر أن ينهي مسيرته الدراسية بالالتحاق بمدرسة "المهندسخانة" ويحصل على دبلوم العمارة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا).

منذ تخرجه من "المهندسخانة"، أراد حسن فتحي أن يُحدث ثورة في عالم البناء والمعمار في القطر المصري، فقد كان يؤمن أن كل قرية تمتلك من الخامات المحلية ما يعينها على بناء منازلها الخاصة، فطمي النيل على سبيل المثال يستطيع أن يكون بديلاً عن المونة والأسمنت.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

عمارة الفقراء كان يؤمن بأن كل قرية في مصر يمكن أن يكون لها طرازها المعماري الذي يميزها عن غيرها، فعلى سبيل المثال توسع في بناء المنازل ذات القباب الشهيرة في قرى النوبة والصعيد، وتستطيع هذه المنازل تخفيض درجات الحرارة وتأمين التهوية والضوء لفترة أطول.

مظاهر العبقرية المعمارية لحسن فتحي تبدو واضحة من خلال أفكاره التي خرجت من دائرة المحلية إلى العالمية، حيث استعانت به منظمة الأمم المتحدة كخبير إيواء، ونال جائزة الدولة التشجيعية للفنون الجميلة عام 1959، وعاد وفاز بالجائزة ذاتها كأول معمارى ينالها عام 1967م، وذلك قبل نيله وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1968م.

وكان مشروعه لبناء «قرية القرنة»، بالبر الغربى لمدينة الأقصر، التى بدأ فيها منتصف الأربعينيات، نموذجًا مثاليًا لفلسفته حول عمارة الفقراء، وقد استعانت به «جامعة شيكاغو» الأمريكية لتدريس أفكاره إلى الطلاب، وأصدر كتابا بالإنجليزية يلخص هذه الأفكار بعنوان «عمارة الفقراء» عام 1970/ وهو الكتاب الذى ترجم لاحقا إلى «العربية»، ولغات أخرى، ويصبح ضمن مناهج التدريس بكليات الهندسة فى عشرات الدول.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

أقوال مأثورة أُثر عن شيخ المعماريين حسن فتحي، عدة أقوال برهنت على عمق فلسفته في عمارة الفقراء، منها"هناك 800 مليون نسمة من فقراء العالم الثالث محكوم عليهم بالموت المبكر بسبب سوء السكن، هؤلاء هم زبائني"، "كمهندس، طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس فإن الله لن يغفر لي مطلقًا أن أرفع الحرارة داخل البيت 17 درجة مئوية متعمًدا"، و"إن الله قد خلق في كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها من مواد وذكاء المعماري هو في التعامل مع المواد الموجودة تحت قدميه لأنها المواد التى تقاوم قسوة بيئة المكان".

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

القباب الطينية في الصعيد كانت القباب الطينية تتماشي مع مناخ الصعيد، حيث وجدت منذ أزمنة قديمة في المنازل والأضرحة، ومنها الجبانة الفاطمية في أسوان التي تضم مئات القباب الطينية العريقة حتى وقتنا الحالي.

تم تعيين المهندس العبقري حسن فتحي عام 1951م مديرًا لإدارة بناء المدارس في وزارة المعارف، حيث قام بتنفيذ عدد من المدارس بعدد من محافظات الصعيد، وكانت من ضمنها مدرسة فارس بمركز كوم إمبو بأسوان.

اعتمد في تصميمه في مدرسة فارس على التهوية الطبيعية وذلك بسبب التكلفة العالية لأجهزة التسخين والتبريد، حيث قسم كل فصل إلى مساحة مربعة تعلوها قبة للتدريس ومساحة أخرى مستطيلة مغطاة بقبو للتهوية، وكان من المخطط أن تحتوى المساحة المستطيلة على حوض مياه للتبريد الهواء القادم من خلال فتحات القبو الذى يعلوها، إضافة إلى التهوية القادمة من الشبابيك، وقد قامت إدارة المدرسة بتعديل كل من الطريقتين؛ لذا فان الفصول كانت لا تحتوى على حوض المياه وتم تعديل شكل الشبابيك ،وبالرغم من ذلك فان التصميم مازال وظيفي بوضوح ومريح مناخيا بسبب وجود القباب والأقبية.

تم تكرار تصميم المدرسة في مدرسة أخرى بإحدى مراكز أسوان وهي مدرسة أدفو، ولكن مدرسة أدفو لم يتم الحفاظ عليها على عكس مدرسة فارس، وربما يكون السبب في ذلك هو الروابط القوية بين أفراد مجتمع فارس في جزيرة منعزلة، مثلما يؤكد كتاب عمارة من أجل الناس الأعمال الكاملة لحسن فتحى لمؤلفه جيمس ستيل، ترجمة عمرو رؤوف.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

منازل القرنة.. المشروع العملاق في مسيرة شيخ المعماريين بدأ المهندس حسن فتحي العمل في العمل على فكرته من أجل تصميم قرية القرنة الجديدة، والتي بدأ العمل فيها فعليًا عام 1946م بعد مرور عام على وضعها على الأوراق، لتكون القرية التي تعاني من الاندثار وسط مطالب بترميمها وإنقاذها، شاهدة على عبقرية المهندس المعماري حسن فتحي الذي حاز على الكثير من الجوائز العالمية.

صنع حسن فتحي من خامات محلية لأهالي الصعيد مسرحًا، ومسجداً يشبه في عمارته مسجد أحمد بن طولون، ومنازل صحية ومحمية من السرقة فيكفي أن يذهب السارق لخلف المنزل كي يرى صدى أقدامه يصدر صوتًا كبيرًا فيوقظ الأهالي فيفر هاربًا، كما صنع لهم القباب القديمة بشكل عصري ومنازل يتوزع فيها الضوء والحرارة والرطوبة بشكل هندسي مذهل.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

كيف بدأ إنشاء قرية القرنة؟ يقول المؤرخ والأثري فرنسيس أمين لــ"بوابة الأهرام" إن المستندات الحكومية الرسمية تؤكد أن مصلحة الآثار قامت بالصرف علي إنشاء قرية نموذجية لسكان القرنة ونقل الأهالي من القرنة القديمة بعد شيوع سرقة الآثار في المنطقة؛ حيث قامت مصلحة الآثار آنذاك بصرف مبلغ 100 ألف جنيه من عام 1945 لعام 1951م؛ حيث تم بناء 83 منزلا في القرية من ضمنها مسجد ومدرسة أولية ومدرسة صناعية ومدرسة بنات وسوق ودوار للعمدية.

يؤكد المؤرخون والمعماريون أن قرية القرنة حازت شهرة عالمية بسبب كتابة المهندس حين فتحي كتابه الشهير عمارة الفقراء، الذي يسرد فيه قصة بنائها، وأنشئت القرية لاستيعاب حوالي 7000 من المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها، وخصوصًا بعد أن اكتشف المختصون وعلماء الآثار سرقة نقش صخري بالكامل من أحد القبور الملكية، فصدر قرار بتهجيرهم من المقابر وإقامة مساكن بديلة لهم، وخصّصت الدولة ميزانية محدودة لبناء القرية الجديدة، تم اختيار الموقع ليكون بعيدًا عن المناطق الأثرية وقريبًا من السكك الحديدية والأراضي الزراعية علي مساحة 50 فدانًا تم شراء الفدان بمبلغ 300 جنية مصري.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

يضيف فرنسيس أمين أن في عام 1951م انتقل مشروع قرية القرنة من مصلحة الآثار إلي مصلحة الفلاح التي كانت تتبع وزارة الشئون الاجتماعية وفي المدة من عام 1951م حتى عام 1954م تم بناء 30 منزلا إضافيا في القرية بتكلفة وصلت لحوالي 50 ألف جنيه، وعام 1956م انتقل المشروع لوزارة الشئون البلدية، وتم وضع ميزانية لها تقدر بـ50 ألف جنيه، ولكن لم يتم صرف سوى 6 آلاف جنيه من الميزانية وهي تكاليف الحراسة فقط.

عام 1959م طلبت مصلحة الآثار من الشئون البلدية نقل سكان منطقة الطارف والقرنة القديمة للقرنة الجديدة، ويوضح فرنسيس أمين أن البلدية قامت بالرد على طلب مصلحة الآثار بعدم الموافقة وعدم كفاية المنازل، وعام 1963م عقد اجتماع ضم ممثلين من الآثار والمحليات لبحث مشروع القرنة وذلك بعد بناء 90 منزلا فقط من المشروع الذي كان يطمح في بناء 1400 منزل.

واجه المشروع عقبات كثيرة حتى من الأهالي الذين كانوا يرفضون النقل لقرية القرنة الجديدة، كما تم توزيع الاختصاصات في المشروع بين مجلس محلي ووزارة الثقافة وغيرها من المؤسسات إلا إن وزارة الإسكان طلبت دراسة مشروع القرنة، وقامت بتشكيل لجنة من الإسكان والسياحة وممثلين عن محافظة قنا التي كانت تتبعها الأقصر أداريا آنذاك وقد قامت اللجنة المشكلة من وزارة الإسكان بعمل عدة توصيات.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

وأضاف فرنسيس أمين أن من ضمن التوصيات الاكتفاء بإنشاء مقدار 1000 مسكن نموذجي علي نمط مساكن الإصلاح الزراعي المكونة من عدد 2 غرفة وحوش ومنافع، واعتمدت اللجنة خطة المهندس حسن فتحي باستخدام المواد المحلية وقامت بإجراء مسح شامل لسكان القرنة كما نصحت اللجنة باستخدام مشروع تهجير أهل النوبة لبناء السد العالي مع أهالي القرنة ودفع تعويضات عن المباني والأراضي كي يرحلوا من منازلهم.

وأوضح فرنسيس أمين أن قرية القرنة الجديدة التي انشأها المعماري حسن فتحي تحولت لقرية عالمية تجتذب السائحين من كل مكان في العالم، مطالبا بإعادة ترميم القرية التي تم هدم 80% من منازلها لغياب الترميم لها لما تمثله من أهمية كبيرة ولما يمثله المعماري حسن فتحي الذي تدرس نظرياته في جميع كليات العالم، حيث هو من أهم الرموز المصرية والعالمية.

لم يكتف المهندس حسن فتحي ببناء قرية القرنة الجديدة فقط بخامات محلية فقد شرع في بناء مصنع خزف جراجوس بمركز قوص جنوبي قنا وهو المصنع الذي مازال يعمل حتي الآن وحين شرع المهندس حسن فتحي في بناء قرية القرنة عمل معه الكثيرون من صانعي القباب في محافظات الصعيد من بينهم "الحاج سيف الدين" شيخ الطريقة الرفاعية والذي كان يعيش بقرية الخربة ناحية الأشراف القبلية بقنا وأحد المشاركين في صنع قباب قرية القرنة بالأقصر.

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم المنازل الريفية ذات القباب لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي كان يؤمن بضرورة استخدام الخامات المحلية في البناء

شيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي كان يؤمن بضرورة استخدام الخامات المحلية في البناء

تصاميم معمارية لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم معمارية لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم معمارية لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم معمارية لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي

تصاميم معمارية لشيخ المعمارينن المهندس حسن فتحي


المزيد من بوابة الأهرام

منذ 4 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات