نتناول في عرض الصحف اليوم عدة مقالات من بينها مقال يرى أن الخيار الوحيد أمام إسرائيل في صراعها مع إيران هو إنهاء نظام خامنئي، وآخر عن الفرصة المتاحة أمام إيران والدول العربية لتشكيل نظام إقليمي جديد أكثر مرونة واستدامة، وأخيرا مقال عن انقسام التحالف الغربي بعد توجيه الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نتنياهو.
نبدأ بصحيفة "يدعوت أحرونوت" الإسرائيلية ومقال رأي كتبه جاكوب ناجيل ومارك دوبفيتز بعنوان "الخيار الوحيد أمام إسرائيل بشأن إيران هو إنهاء نظام خامنئي"، ويستهله الكاتب بالإشارة إلى تصريح سابق للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تنبأ فيه بتدمير إسرائيل نهائيا بحلول عام 2040.
ويقول الكاتب إن خامنئي عندما يعلن أن خطته هي تدمير إسرائيل بحلول ذلك الوقت، فبدون شك يبذل قصارى جهوده من أجل تحقيق هذا الطموح، بمساعدة مؤيدي إيران في الداخل والخارج، وعلينا أن نتعامل بجدّية مع الأمر.
ويضيف الكاتب أن إسرائيل لا يجب أن تكتفي باستراتيجية الردع كهدف لها، بل لابد من تغيير استراتيجيتها بالكامل والتحول من الدفاع إلى الهجوم المبادر، على أن يصبح هدف إسرائيل هو إنهاء نظام خامنئي بحلول عام 2030.
ويرى الكاتب أن النظام الإيراني هو الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم، والمزعزع لاستقرار الشرق الأوسط، والطامح لامتلاك أسلحة نووية، مشيرا إلى أن طهران سلّحت وقادت ما يسميه "جماعات إرهابية"، مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي لعقود من الزمان، بهدف خلق حلقة نار حول إسرائيل.
ويلفت الكاتب إلى أن السماح لإيران بمواصلة تغذية الصراع ليس حلا، كما أن عدم التحرك ليس استراتيجية صحيحة لإسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني، إذ قد يؤدي الموقف الدفاعي إلى إضعاف لا مفر منه، ولا ينبغي لإسرائيل أن تستمر في التركيز على تفادي تهديدات خامنئي، بل لابد أن تتحرك مبكرا لتحييد مصدر هذه التهديدات.
يقول الكاتب إن النجاحات العسكرية الأخيرة ضد حزب الله وحماس، وتدمير الدفاعات الجوية المركزية الإيرانية، تثبت أن الجيش الإسرائيلي قادر على التغلب على مثل هذا الخصم المتطور، باستخدام الاستخبارات الدقيقة والتكنولوجيا المتقدمة والعمليات الجوية المحكمة، كما يمكن توجيه هذه الخبرات باستراتيجية نحو استهداف المواقع النووية الإيرانية.
ويرى الكاتب أنه في ظل انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، فإن تنفيذ عملية إسرائيلية أمريكية مشتركة ليست مستحيلة ومن شأنها أن تزيد بشكل كبير من فرص النجاح، من خلال الجمع بين الدقة العملياتية والأنظمة التكنولوجية الإسرائيلية والقوة النارية والقوات الخاصة الأمريكية، علاوة على الغطاء الدبلوماسي.
كما تظل الحرب الاقتصادية، بحسب رأي الكاتب، واحدة من أقوى الأدوات ضد إيران، بعد أن أدت العقوبات السابقة كجزء من حملة الضغط إلى إلحاق ضرر شديد بدخل إيران من النفط والحد من قدرتها على تمويل شبكتها الخارجية.
ويعتقد الكاتب أن الجهود الدبلوماسية لابد أن تركز على تعزيز تحالفات مع الدول العربية، وتوقيع اتفاقية سلام مع السعودية وبناء تحالفات جديدة، لاسيما وأن الهجمات الإيرانية، وخاصة بدعم من روسيا، والتهديدات المستمرة لحلفاء أمريكا في الخليج، هيأت فرصا جديدة لتشكيل تحالفات ضد إيران.
ويرى الكاتب أن هذه التحالفات لابد وأن تعمل ليس على ردع إيران فحسب، بل على إضعاف نظامها وإنهائه، مع تكثيف مساعي تعطيل الجدول الزمني النووي الإيراني، واستهداف علمائها النوويين وقيادات الحرس الثوري الإيراني، باستخدام الحرب الإلكترونية الإسرائيلية، والتركيز على نقاط الضعف الحرجة في النظام.
ويختتم الكاتب مقاله مشيرا إلى أن إسرائيل لا ينبغي أن تنتظر سلبيا حتى عام 2040 بينما يخطط خامنئي لتدميرها، فإذا كان هذا هو هدفه، فإن مهمة إسرائيل هي إسقاط نظامه، فالنصر هو الخيار الوحيد وهذا يعني ضمان أن يصبح نظام خامنئي شيئا من الماضي، قبل وقت طويل من اقتراب خطته الزمنية من موعدها النهائي.
"نظام إقليمي جديد" ننتقل إلى صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية ومقال رأي كتبه نديم قطيش بعنوان "فرصة إيرانية - عربية لنظام إقليمي جديد"، ويستهله الكاتب بطرح سؤال هل تمتلك العلاقات الإيرانية - العربية فرصة جديدة وسط تقاطع الأحداث الجيوسياسية والتحولات الداخلية والخارجية المتسارعة؟ ويرى وجود فرصة نادرة لإعادة تشكيل العلاقات الإقليمية وتجاوز السياقات المؤدية إلى استمرار الصراع والاصطفاف.
ويقول الكاتب إنه لحسن الحظ، أو بفعل البصيرة السياسية، استبق التحول في العلاقات الإيرانية - السعودية في مارس/ آذار 2023، حرب غزة بنحو 6 أشهر، عبر وساطة صينية أنهت قطيعة لسنوات، وأعادت العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران.
ويضيف الكاتب أنه بعد حرب غزة، سجل لقاء جمع الرئيس الإماراتي، على هامش قمة "بريكس" في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان في قازان الروسية، نقطة تحول دبلوماسية لافتة في علاقات البلدين. وعلى نحو مماثل بدأت البحرين، التي عانت من توترات طويلة مع إيران، حوارا مع جارتها في يونيو/حزيران 2024 يهدف لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، وتعزيز الانفتاح السياسي بين الدول الخليجية وإيران.
كما شهد شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024 حدثا غير مسبوق، إذ أُعْلِنَ عن مشاركة السعودية في تدريبات عسكرية مشتركة في البحر الأحمر إلى جانب إيران وعُمان وروسيا. وفي وقت لاحق، زار وفد عسكري سعودي رفيع المستوى إيران برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية والتقى مسؤولين عسكريين إيرانيين في مقدمهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.
ويرى الكاتب أن هذه اللقاءات تكتسب أهمية مضافة في ضوء تدهور قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل، وتدرجها نحو احتمال مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، بعد سلسلة مثيرة من الهجمات المتبادلة. كما أن الرهان عليها، بات ممكنا أكثر في ضوء الضربات التي لحقت بأدوات إيران في المنطقة، لا سيما "حماس" و"حزب الله".
ويعتقد الكاتب أن إضعاف هذين الفصيلين، وإنهاك قدرة إيران على استخدامهما أداتين للنفوذ السياسي والعسكري في المنطقة، يحملان في طياتهما إمكانية دفع إيران نحو التركيز على تعزيز علاقاتها مع الدول العربية، والتأقلم مع تغيير الديناميكيات الإقليمية. أضف إلى ذلك أن الضغوط الاقتصادية الهائلة التي تواجهها إيران نتيجة العقوبات والتحديات الداخلية تجعل من ترميم هذه القوى والمضي في دعمها عبئا مكلفا.
ويرى الكاتب أن عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وإن بدت عامل تصعيد للتوترات مع إيران، إلا أنها تفتح فرصا للتقارب الإيراني - الخليجي ... في وقت تسعى فيه دول الخليج، بخاصة السعودية والإمارات، إلى تجنب الانخراط في أي تصعيد إقليمي نتيجة السياسات الأميركية ضد إيران، على نحو يهدد مشاريعها التنموية الكبرى.
ويختتم الكاتب مقاله مشيرا إلى أن اعتماد البيت الأبيض سياسات تصعيدية ضد الصين، سيؤدي إلى مضاعفة دول الخليج رهانها على تنويع تحالفاتها وتقوية صمامات الأمان الإقليمية، ومنها تعزيز الحوار مع إيران ... ويرى أن المنطقة أمام فرصة تقارب تتجاوز كونها مجرد تهدئة للتوترات الثنائية، بل فرصة لتأسيس نظام إقليمي جديد أكثر مرونة واستدامة.
"كارثة لإسرائيل ومشكلة للتحالف الغربي" نختتم جولتنا بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ومقال رأي كتبه غديون راتشمان بعنوان "إسرائيل ستقسّم التحالف الغربي"، ويستهله الكاتب بالإشارة إلى أن توجيه الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يواف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب يشكل كارثة بالنسبة لإسرائيل، كما يشكل مشكلة كبيرة للتحالف الغربي.
ويقول الكاتب إن إسرائيل تحظى بدعم كامل من الحزبين في الولايات المتحدة، كما تسعى إلى صد اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزرائها ووزير دفاعها السابق، ولكن من المرجح أن تحترم معظم الحكومات في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن بريطانيا وأستراليا وكندا، الاتهام، وأن هذه الحكومات سوف تضطر، على مضض، باعتقال نتنياهو إذا وطأت قدمه أراضيها.
ويرى الكاتب أن إدارة ترامب سوف تدفع بفرض عقوبات على المدعي العام وموظفي المحكمة الجنائية الدولية، وهناك أيضا حديث في الدوائر الجمهورية عن استهداف المحكمة، ربما من خلال التهديد بمعاقبة الدول التي تمولها، فاليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي أكبر أربع دول مانحة للمحكمة الجنائية الدولية.
ويقول الكاتب إنه لا يبدو أن إسرائيل ولا الولايات المتحدة حريصتان على الانخراط بالتفصيل في التهم الفعلية في لائحة الاتهام، والتي تتضمن اتهامات بأن إسرائيل قتلت مدنيين واستخدمت "التجويع كوسيلة للحرب"، بل يتبنى يمين ترامب ادعاء نتنياهو بأن المحكمة الجنائية الدولية مدفوعة بمعاداة السامية، وعلى النقيض سيجري تجاهل حقيقة أن المحكمة وجّهت اتهامات أيضا إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحماس والعديد من الزعماء الأفارقة، بل سينصب الحديث على وصم المحكمة وداعميها الأوروبيين بأنهم يكرهون اليهود.
ويلفت الكاتب إلى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا، ملتزمة بإسرائيل إلى الحد الذي قد تخالف فيه المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من اعترافها بشرعيتها، بيد أن غريزة معظم الدول الأوروبية سوف تعتمد على الجمع بين دعم ما يسمونه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ودعم نظام قانوني دولي لقواعد الحرب.
ويختتم الكاتب مقاله مشيرا إلى أن الصدام الناشئ بين الولايات المتحدة وحلفائها بشأن إسرائيل يشكل جزءا من جدل أوسع نطاقا بكثير بشأن مستقبل النظام العالمي. وباعتبارها الدولة الأكثر قوة في العالم، قد تشعر أمريكا بأن الطعن على القانون الدولي والمؤسسات الدولية أمر لا يحتاج إليه سوى الأوروبيين الضعفاء.
منذ 8 ساعات