منذ 4 ساعات
أطباء السوشيال ميديا

في الآونة الأخيرة، تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لطبيبة تدّعي تخصصها في أمراض النساء، حيث قامت بتصوير ونشر محتوى يتناول زياراتها لمرضى والتحدث عن سلوكياتهم، أثارت هذه الفيديوهات جدلاً واسعاً، حيث انقسمت الآراء بين من يرون أنها محاولة لتسليط الضوء على قضايا مجتمعية، ومن يعتبرونها محاولة لتحقيق الشهرة واستغلال لحظات حياتية حساسة لركوب موجة الترند .

في هذا السياق، تبرز تساؤلات حول مدى مهنية هذه التصرفات وحدود الخصوصية التي يجب احترامها، وأين يمكن رسم الحدود بين المحتوى الهادف وبين المحتوى الذي يسعى للشهرة على حساب الأخلاق المهنية.

في عصر السوشيال ميديا، أصبح تحقيق الشهرة غاية يسعى إليها الكثيرون، خاصة من يدّعون التخصصات العلمية أو الطبية، قد تكون الفيديوهات التي تنشرها هذه الطبيبة مجرد وسيلة لجذب المتابعين، خاصة وأن موضوع النساء والصحة الأنثوية حساس للغاية، وعند تناول هذه الموضوعات، تجذب الفيديوهات اهتمام فئات واسعة، مما يسهم في زيادة المتابعين وتعزيز الحضور الرقمي لصاحب المحتوى، وبالتالي، قد يتحول الاهتمام بالقضية المجتمعية إلى مجرد وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية وزيادة الشهرة.

تشير بعض الدراسات إلى أن الشهرة الرقمية تعزز من شعور البعض بالاعتراف الاجتماعي، ما يدفعهم لمشاركة محتوى قد يتجاوز الحدود المهنية.

على الجانب الآخر، يرى البعض أن هذه الفيديوهات قد تسلط الضوء على جوانب مجتمعية أو ثقافية، مثل نقص التوعية الطبية والخجل من استشارة الأطباء المتخصصين في مجالات معينة، وهو ما يمكن اعتباره طرحًا لقضية تحتاج لمعالجة، فالجهل بالمعلومات الطبية الصحيحة قد يكون دافعًا لدى البعض للاستماع إلى أشخاص على السوشيال ميديا، حتى وإن كانوا غير مختصين، لكن رغم ذلك، يبقى هناك خيط رفيع بين تقديم محتوى توعوي، وبين الترويج للمعلومات بأسلوب مثير بهدف تحقيق الشهرة.

إذا تم تقديم المحتوى بأسلوب مسؤول وواعٍ، يمكن أن يسهم في تحسين فهم الجمهور لبعض القضايا الصحية، ولكن إذا طغى الهدف الشخصي، فإن الرسالة التوعوية تضعف وقد تتسبب في تشويه الحقيقة.

قد يكون تصوير الحالات الصحية والتحدث عنها دون إذن واضح من المرضى انتهاكاً للخصوصية وأخلاقيات المهنة، فبغض النظر عن الهدف المعلن، يتوجب على المتخصصين احترام حقوق المرضى والحفاظ على سرية المعلومات التي يحصلون عليها.

عندما تقوم شخصية على السوشيال ميديا بتصوير محتوى يتناول حالات حقيقية ويعرض سلوكيات المرضى، فقد يتسبب ذلك في ضرر نفسي للمرضى ويعرضهم للتنمر أو للإحراج أمام المجتمع.

الالتزام بأخلاقيات المهنة يشمل عدم نشر أي معلومات شخصية عن المرضى، وعدم استغلال الحالات المرضية لتحقيق مكاسب شخصية.

وتختلف الأهداف الحقيقية لهذه الفيديوهات وفقاً لطريقة عرضها ومضمونها، إذا كانت تسهم فعلاً في تعزيز الوعي حول قضايا معينة وتقديم معلومات موثوقة، فإنها قد تحقق فائدة للمجتمع، أما إذا كانت تهدف فقط لزيادة المتابعين عبر المحتوى الجدلي، فإنها تؤدي إلى سطحية التعامل مع القضايا المجتمعية، وتحوّل القضايا الصحية إلى مادة للتسلية.

تتطلب حماية الجمهور من المحتويات السطحية أو الخادعة اتخاذ خطوات نحو التحقق من مصداقية المعلومات، ويمكن العمل على نشر التوعية حول أهمية اختيار مصادر موثوقة للمعلومات الطبية، وتشجيع الجمهور على عدم الانسياق وراء أي محتوى يدعي التخصص الطبي دون تحقق.

إضافة إلى ذلك، يمكن فرض قواعد صارمة على منصات التواصل الاجتماعي لمنع عرض محتويات تمس خصوصية الآخرين أو تنتهك أخلاقيات المهن.

بينما قد تكون هذه الفيديوهات محاولة لعرض قضايا مجتمعية حقيقية، إلا أن الأسلوب والطريقة المتبعة قد تثير تساؤلات حول دوافعها، لا شك أن السوشيال ميديا توفر منصة للتوعية، لكن استخدام هذه المنصة يتطلب مسؤولية وأخلاقيات تحافظ على خصوصية الأفراد وتحترم المهنيين الحقيقيين.

لذا، يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن بين تقديم محتوى هادف والحفاظ على الحدود الأخلاقية، حتى لا تتحول القضايا المجتمعية إلى مجرد وسيلة للشهرة.


المزيد من موقع مبتدا

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة