شنت القوات الصينية في 25 نوفمبر 1950 أول هجوم ضخم على القوات الأمريكية التي توغلت بكوريا الشمالية وبلغت الحدود مع الصين حتى أن جنرالا أمريكيا ظن أن الحرب العالمية الثالثة بدأت. حين بلغ هذا الهجوم الصيني الذي وصف بأنه كان بمثابة إعصار كاسح مداه، قيل إن قائد الفرقة الأمريكية 24 اتصل بقيادته وصاح قائلا: "الصينيون موجودون هنا بالفعل. بدأت الحرب العالمية الثالثة".
الحرب في شبه الجزيرة الكورية كانت بدأت في 25 يونيو 1950. وقتها اجتازت قوات كوريا الشمالية الحدود في هجوم ضخم وتوغلت داخل أراضي كوريا الجنوبية واستولت على العاصمة سيئول وكادت أن تسيطر على كامل أراضي الشطر الكوري الجنوبي.
سارعت الولايات المتحدة بعد أن حصلت على تفويض من الأمم المتحدة إلى إرسال ستة فرق عسكرية وفرقة بحرية إلى كوريا الجنوبية، كما أرسلت بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا فرقة مشتركة واحدة، وشاركت تركيا بلواء عسكري، وكل من فرنسا وهولندا واليونان وبلجيكا والفلبين وتايلاند وكولومبيا بكتيبة لكل دولة.
تمكنت قوات الولايات المتحدة وحليفاتها بمساندة قوات جوية وبحرية ضاربة من وقف توغل قوات كوريا الشمالي في أعماق كوريا الجنوبية وردتها على أعقابها إلى خلف المنطقة المحرمة، ثم اندفعت داخل كوريا الشمالية واحتلت عاصمتها بيونغ يانغ في 23 أكتوبر من نفس العام وتوغلت إلى أن وصلت إلى منطقة الحدود بين كوريا الشمالية والصين، ما اعتبرته بكين تهديدا لقاعدتها الصناعية الرئيسة في منشوريا.
القيادة الصينية وقتها قررت التصدي للأمريكيين وحلفائهم ومنعهم من الاستيلاء على كامل كوريا الشمالية، وبدأت منذ 19 أكتوبر 1950 في نقل 30 فرقة المشاة وأربع فرق مدفعية تم تشكيلها من متطوعين إلى كوريا الشمالية.
كان على جموع المتطوعين الصينيين الضخمة التقدم في الشتاء القارس على سفوح جبال خالية من الطرق يصل ارتفاعها إلى 2500 متر. في هذه الجبال الوعرة، حمل المتطوعون الصينيون إمدادات من الطعام والذخائر تكفي لمدة خمسة أيام فقط. تبعا لذلك تم التخطيط في البداية لهجوم بعمق بين 50 على 70 كيلو مترا.
قوات المتطوعين الصينيين واصلت هجماتها البرية الكاسحة، وتمكنت من تشتيت القوات الأمريكية وحليفاتها وأبعدتها عن مصادر إمداداتها.
الهجوم الصيني الكبير الأول بدأ في الساعة الثامنة من مساء 25 نوفمبر 1950، وتمكن المتطوعون الصينيون من اختراق المواقع الأمريكية المتقدمة وقامت مجموعات أخرى بمهاجمة المؤخرة، وتكبدت الوحدات الأمريكية والكورية الجنوبية خسائر جسيمة.
تواصلت هجمات قوات المتطوعين الصينية ليلة 27 نوفمبر، وكادت الفرقة البحرية 1 أن تتعرض لهزيمة ساحقة إلا أن الغارات الجوية الأمريكية المكثفة انقذتها من هذا لمصير.
في نفس الليلة، هاجمت القوات الصينية أيضا الفيلق الأمريكي العاشر. الجنرال ماك آرثر قائد ما سمي بقوات الأمم المتحدة أصر بعناد على مواصلة هجوم قواته، وحاول إقناع ضباطه وجنوده بأن "العدو الذي يواجهكم حاليا تسلل من بقايا الوحدات الصينية التي تتراجع شمالا. ما زلنا نتقدم وسنواصل التقدم إلى أن نصل إلى يالو (نهر على الحدود بين كوريا الشمالية والصين). لا تتركوا حفنة من الصينيين المتضورين من الجوع يمنعونكم"!
أنزل المتطوعون الصينيون بالقوات الأمريكية خسائر فادحة المرة تلو الأخرى، حتى أن الفرقة الثانية في الجيش الأمريكي فقدت ما يقرب من ثلث أفرادها في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر.
حاول الفيلق الأمريكي العاشر قطع الإمدادات عن الصينيين على الجبال، إلا تلك المحاولات باءت بالفشل وتسببت في كارثة. الدبابات الأمريكية انزلقت على الجليد وعلقت في الوحل، وسقطت فريسة سهلة لقذائف القنابل اليدوية الصينية.
تراجع الفيلق الأمريكي العاشر وتم لاحقا إجلاؤه تحت هجمات صينية متواصلة، وتكبد الأمريكيون المزيد من الخسائر الفادحة. على خلفية هذا الوضع بدأ بعض القادة العسكريين أمريكيين وقتها في الحديث عن استخدام الأسلحة النووية لوقف الصينيين.
القوات الأمريكية تمكنت في ذلك الوقت من تجنب الهزيمة الكاملة. يرجع الفضل في ذلك بدرجة كبيرة إلى الغارات الجوية المكثفة. قاذفات القنابل والطائرات الهجومية حرمت الصينيين من التقدم في النهار، ولم تستطع قوات المتطوعين الصينيين وكانت تفتقر إلى الأسلحة المضادة للطائرات، من هزيمة الأمريكيين وحلفائهم بشكل نهائي، لكنها تمكنت حينها من تحرير كامل أراضي كوريا الشمالية.
المصدر: RT