تظل الدولة المصرية المساند الأكبر للقضية الفلسطينية وقضية العرب الأولى منذ عام 1948 بصفتها أكبر دولة عربية، ودورها كقوة إقليمية تقود وتناصر القضية الفلسطينية.
واتخذت قرارات وتدابير ذات طبيعة سياسية لمساندة القضية لما لها من تداعيات على الأمن والاستقرار بالمنطقة، فدور مصر التاريخي في دعم الأشقاء الفلسطينيين يمتد لأكثر من 76 عاما من أجل التوصل لحل جذري شامل للقضية الفلسطينية يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والطبيعية كسائر شعوب العالم في إقامة دولته وفق المرجعيات الدولية وإنهاء حالة العنف والتوتر في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار بها.
والقضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية باعتبارها جزء لا يتجز من الأمن القومي المصري، وهنا سأشير إلى أبرز مواقف رؤساء الدولة المصرية في جميع المحافل الدولية والإقليمية لمحاولة التوصل إلى حل عادل وشامل برعاية دولية وبما يسمح بالحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإحلال السلام فى المنطقة.
ففي عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وضع القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماته واعتبارها جزء من الأمن القومي، ورفع شعار اللاءات الثلاث "لا اعتراف - لا صلح - لا تفاوض" مع إسرائيل، ورفع شعار أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ومساندة القضية في القمة العربية الثانية التي عقدت فى القاهرة يوم 5/ 9/ 1964 وصدور قرار تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية لتمثل الفلسطينيين في جميع المحافل الدولية واستمرت مصر في عهده الدفاع عن القضية الفلسطينية حتى وفاته عام 1970.
وفي عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، كانت نظرته ثاقبة في تقدير العلاقات العربية مع إسرائيل، وخاضت مصر حرب أكتوبر 1973 وانتصرت فيها، ورفع شعار النصر والسلام، وطالب بحقوق الشعب الفلسطيني خلال خطابه بالكنيست الإسرائيلي، مطالبا بالعودة إلى حدود ما قبل 1967، كما تقدمت مصر بطلب للجمعية العامة للأمم المتحدة وصدر قرارها رقم "3375" الخاص بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات الخاصة بالشرق الأوسط.
أما في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وخلال فترة حكمه التي امتدت 30 عام تقريبا، فقد شهدت القضية تطورات كثيرة وحادة وكانت مواقف مصر وأدوارها تسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، خصوصا على حدود مصر الشرقية، وطرح خطته للسلام تضمنت حل القضية الفلسطينية طبقا لقرار مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام مع وقف الاستيطان الإسرائيلي، وفي سبتمبر 1993 شارك الرئيس الأسبق مبارك في توقيع اتفاقية "أوسلو" والخاصة بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي، أيضا عام 2003 أيدت مصر وثيقة جنيف بين الفلسطينيين والإسرائيليين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الإوضاع في المنطقة.
حاليا وفي عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة للدولة المصرية، بذلت وتبذل مصر الجهود الحثيثة لوقف إطلاق النار لتجنب مزيد من العنف وحقن الدماء من أبناء الشعب الفلسطيني، وموقف مصر الرافض لمخططات التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية مع استمرار الجهود الإنسانية التى تقدمها مصر من خلال فتح معبر رفح بصفة مستمرة واستقبال الجرحى والمصابين وتقديم المساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني وتقديم الدعم المادي لإعادة الإعمار، مع تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي على موقف مصر الثابت والداعم للقضية الفلسطينية واستمرار مساعيها الدوؤبة من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع ضرورة الحفاظ على الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية، واستمرار الجهود لدعم الحوار الفلسطيني الفلسطيني لمساعدة الفصائل الفلسطينية على تحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، مع استمرار جهود التوصل لتسوية عادلة وشاملة من شأنها أن تدعم استقرار المنطقة ويساهم فى الحد من الاضطرابات الذى يشهده الشرق الأوسط.
أخيرًا، فإن القضية الفلسطينية أو الصراع العربى أو كما يطلق عليها البعض نزاع الشرق الأوسط هى من أكثر الصراعات التاريخية الممتدة التي عرفها العالم المعاصر والتي تمتد جذورها ومصادر الصراع بها إلى آواخر القرن التاسع عشر وحتى قيام الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948، ويتميز هذا الصراع عن غيره بأنه يشمل مختلف الجوانب الاستراتيجية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والانسانية وغيرها.
فضلا عن الاستخدام المكثف من قبل العقيدة الصهيونية للأساطير والمزاعم الدينية المؤسسة على التفسير المحرف واختلاق وقائع دينية من التوراة والتلمود وغيرها من التفسيرات الدينية المحرفة التي مزجها قادة المشروع الصهيوني مع العقيدة الأيدلوجية العلمانية لهذا المشروع.
والجهود المصرية الراهنة امتدادا لدورها التاريخي والذي لم يتأثر بالتغييرات السياسية داخل الدولة واستمرت على رأس أولويات القيادة المصرية، والذي يؤكد دائما على أن مصر رغم المخاطر الإقليمية الراهنة والسلوك الإسرائيلي المزعزع للأمن والاستقرار الإقليمي لا تزال تحافظ على السلام كخيار استراتيجى لها، وأنها لن تتوانى عن ممارسة دورها لاستعادة الأمل لدى شعوب ودول المنطقة في إمكانية تحقيق السلام العادل والشامل للجميع وعلى رأسهم الفلسطينيين.
منذ 7 ساعات