روسيا والتصعيد النووي، في تصعيد جديد، أطلقت روسيا صواريخ مجنحة عابرة للقارات باتجاه الأراضي الأوكرانية، في خطوة تحمل رسالة قوية إلى الغرب، خاصة بعد استخدام كييف لصواريخ أميركية وبريطانية استهدفت العمق الروسي.
وفي إطار برنامج "رادار" الذي يعرض على قناة سكاي نيوز عربية، تناول النقاش بين الأكاديمي والدبلوماسي السابق فيتشيسلاف ماتوزوف من موسكو، والدبلوماسي السابق مسعود معلوف من واشنطن، تداعيات التهديدات الروسية ومستقبل التصعيد في المنطقة، مع التركيز على لجوء موسكو إلى الصواريخ بعيدة المدى كأداة للضغط في سياق التحضير للمفاوضات.
الرسالة الروسية إلى واشنطن: تحذيرات صريحة موجهة للغرب في تعليقه على التصعيد الروسي، أوضح مسعود معلوف أن موسكو وجهت رسالة مباشرة لا تقبل التأويل إلى واشنطن، تجلت في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي أعقبها إطلاق الصواريخ باتجاه أوكرانيا.
وأضاف معلوف أن الكرملين أكد استعداده لتوسيع نطاق الحرب، موجهًا تهديدات صريحة ليس فقط للولايات المتحدة، بل لكافة الدول الغربية. وأشار إلى أن هذه الرسائل بدت جلية في تصريحات المتحدث باسم الكرملين.
الصواريخ الروسية بعيدة المدى: هل تحمل رسالة واضحة؟ أكد فيتشيسلاف ماتوزوف أن الصواريخ التي أطلقتها روسيا، والتي تصل إلى مدى يقارب 5500 كيلومتر، تمثل رسالة واضحة وقوية. ورغم إصرار موسكو على تصنيفها كصواريخ "متوسطة المدى"، إلا أن قدرتها الفعلية تجعلها قادرة على الوصول إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة.
وأضاف ماتوزوف أن هذه الصواريخ تعكس جدية التهديدات الروسية، خصوصًا مع دقتها العالية وإمكانية تزويدها برؤوس نووية، مما يجعلها سلاحًا استراتيجيًا بارزًا.
التصعيد الروسي: ورقة ضغط قبل المفاوضات روسيا والتصعيد النووي، ناقش كل من ماتوزوف ومسعود معلوف أن التصعيد الروسي قد يكون خطوة مدروسة تهدف إلى رفع سقف المطالب في المفاوضات، لا سيما مع اقتراب تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وأشار معلوف إلى أن ترامب، خلال حملته الانتخابية، تعهد بالسعي لحل الأزمة الأوكرانية عبر المفاوضات، وهو ما قد تسعى موسكو لاستغلاله لتعزيز موقفها التفاوضي قبيل أي محادثات محتملة.
الحرب الهجينة: استراتيجية روسية لمواجهة الغرب على مختلف الجبهات أكد فيتشيسلاف ماتوزوف أن روسيا، ضمن إطار ما يعرف بـ "الحرب الهجينة"، تتبنى نهجًا متنوعًا يجمع بين الهجمات السيبرانية، الحروب الإعلامية، والتهديدات العسكرية المباشرة، بهدف تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا وإضعاف الموقف الموحد لدول الغرب.
وأوضح ماتوزوف أن روسيا لا تكتفي بالتصعيد العسكري التقليدي، بل تعتمد على تكتيكات الحرب النفسية والدبلوماسية كجزء من جهودها لتفكيك الإجماع الغربي. وقال: *"موسكو تدير معركة متعددة الأبعاد، حيث تتداخل العمليات العسكرية مع الرسائل السياسية والضغوط الإعلامية، بهدف زعزعة استقرار المعسكر الغربي ودفعه لإعادة تقييم استراتيجيته تجاه الأزمة الأوكرانية".*
وأشار إلى أن التصعيد الروسي ليس عشوائيًا، بل هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى إجبار الغرب على مراجعة مواقفه، من خلال توظيف أدواتها الهجينة لإحداث تأثيرات طويلة المدى على التحالفات الغربية وسياستها تجاه موسكو.
الولايات المتحدة في مأزق: خيارات محدودة أمام التصعيد الروسي روسيا والتصعيد النووي، تطرق مسعود معلوف إلى معضلة إدارة بايدن في التعامل مع التصعيد الروسي المتزايد، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تواجه موقفًا معقدًا. وأوضح قائلًا: *"لا يمكن للولايات المتحدة التراجع عن دعمها لأوكرانيا، حيث يُعد ذلك التزامًا استراتيجيًا، ولكنها في الوقت ذاته تحاول تفادي تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا."*
وأضاف معلوف أن الخيار الدبلوماسي سيبقى الأنسب إذا وصل التصعيد إلى مستويات تهدد استقرار المنطقة بالكامل، حيث ستسعى واشنطن إلى تحقيق توازن بين الاستمرار في دعم أوكرانيا ومنع اندلاع صراع أوسع.
أبعاد التصعيد الدولي: هل ينذر بحرب شاملة؟ من جانبه، حذر فيتشيسلاف ماتوزوف من خطورة خروج التصعيد الروسي عن السيطرة، لافتًا إلى أن التوترات الحالية قد تدفع إلى مواجهة شاملة إذا لم يتم احتواؤها. وأشار إلى أن روسيا تستخدم استراتيجيات متعددة ضمن حربها الهجينة، بما يشمل استهداف البنية التحتية الأوكرانية بهدف عزل كييف عن الدعم الغربي تدريجيًا.
وقال ماتوزوف: *"رغم التهديدات العسكرية المتزايدة، لا يبدو أن التصعيد العسكري الكامل هو الخيار الوحيد المطروح، حيث تسعى موسكو للضغط على الغرب عبر أدوات سياسية واقتصادية وإعلامية".*
التوقعات المستقبلية: روسيا بين التصعيد والتفاوض روسيا والتصعيد النووي، في ختام النقاش، أشار الضيفان إلى أن التصعيد العسكري الحالي قد يزيد من تعقيد الأوضاع، مما يجعل الوصول إلى تسوية سلمية أكثر صعوبة.
وأكد معلوف أن روسيا تسعى لاستغلال نفوذها كقوة كبرى لإعادة تشكيل النظام الدولي بما يتماشى مع مصالحها، بينما رأى ماتوزوف أن موسكو قد تلجأ إلى تحقيق مكاسب ميدانية ملموسة قبل العودة إلى طاولة المفاوضات، ما يمنحها أوراق ضغط قوية.
وبينما تتزايد المخاطر على الساحة الدولية، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة الأطراف على ضبط التصعيد، وما إذا كانت الحرب الهجينة ستتطور إلى مواجهة أوسع، أم ستُستخدم كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية بعيدة المدى.
منذ 13 ساعة