عقب صدور مذكرات الاعتقال بحق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، ومحمد الضيف قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، توالت الدول التي أعلنت عزمها تطبيق قرار المحكمة الجنائية الدولية.
وأثار القرار ردود فعل متباينة، كما أثار تساؤلات عدة حول ما إذا كانت هذه المذكرات ستؤثر على حرب غزة ولبنان.
وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي من القرار، كان رد فعل الشخصيات الإسرائيلية البارزة غاضبا على الإعلان.
إذ وصفه الرئيس إسحاق هرتسوغ بأنه "يوم مظلم للعدالة والإنسانية"، قائلا إن القرار "اختار جانب الإرهاب والشر على الديمقراطية والحرية".
ووصفه مكتب رئيس الوزراء بأنه "قرار معاد للسامية"، وقال إن إسرائيل "ترفض تماما الاتهامات الكاذبة والعبثية"، ووصف المحكمة الجنائية الدولية بأنها "هيئة سياسية متحيزة وتمييزية".
"لا استئناف للحكم إلّا بعد تسليم المتهمين" وترى المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان هالة عاهد، أنه مع إصدار مذكرات الاعتقال بحق المتهمين، أصبح على جميع الدول المنضمة لنظام روما الأساسي (نظام المحكمة) الالتزام بتسليم المطلوبين.
وتوضح في حديثها لـ "بي بي سي"، أنه "لا يوجد للمحكمة جهاز شرطة ليقوم بالتنفيذ، إنما تعتمد بشكل أساسي على تعاون الدول، وبالتالي حتى يتم التنفيذ يتطلب أن يسافر المتهمان إلى دولة من الدول المنضمة للاتفاقية؛ وعليه من المتوقع أن لا يقوم أي من المتهمين بالسفر خارج إسرائيل تجنباُ للاعتقال".
وبشأن استئناف القرار، تقول إنه لا يحق لإسرائيل في هذه المرحلة استئناف القرار، وإنما فقط الاعتراض على اختصاص المحكمة، من قبل إسرائيل أو من صدر بحقهم مذكرات الاعتقال، مرجحة أنه في حال تم تسليمهم قد يحصلون على درجة جديدة للتقاضي لغايات الاستئناف.
"مذكرات الاعتقال قد تمنع من الاستمرار في ارتكاب الجريمة" وتوضح المتحدثة أن ما جرى في 20 مايو/ أيار، يتمثل بأن المدعي العام قدّم طلباً لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في الفترة من 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، و20 مايو/ أيار 2024.
وتردف عاهد بأن "القبض على الشخص ضروري لضمان حضوره إلى المحكمة أو لضمان عدم عرقلته للتحقيق أو لمنعه من الاستمرار في ارتكاب الجريمة".
وتذكّر عاهد بأن العديد من مذكرات الاعتقال صدرت بحق متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الدعاوى التي نظرتها وتنظرها المحكمة، وأبرزها، مذكرتي الاعتقال بحق عمر حسن البشير الرئيس السوداني الأسبق.
"معظم حلفاء إسرائيل يدعمون المحكمة ويقبلون بقرارها" الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن، يقول في حديث لـ "بي بي سي"، إن إسرائيل تعتبر قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال "بحق زعيم في دولة لديها مؤسساتها الجنائية والقضائية"، يدل على أن المحكمة لا تحترم المؤسسات الإسرائيلية ولا تثق في الديمقراطية الإسرائيلية.
وألمح شتيرن إلى صدور مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين وأعضاء في الجيش الإسرائيلي لم يتم نشرها، مؤكداً أن إسرائيل تخشى من اعتقالهم وستعمل على التأكد من عدم حدوث ذلك.
ويبيّن أن "نتنياهو لا يستطيع الخروج إلى أوروبا ولا حتى أستراليا، وإنما يستطيع الخروج فقط للدول التي تعارض هذا القرار"، مشيراً بالمقابل إلى أن معظم حلفاء إسرائيل يدعمون المحكمة ويقبلون بقرارها، مما سيؤثر على علاقات إسرائيل الدولية.
ويرى أن إسرائيل ستحمي غالانت ونتنياهو، وستقوم بخطوات للتأكد من عدم اعتقالهم، منوها إلى أن مؤسسات إسرائيلية ستقوم بدورها بالتأكد ممن يستطيع الخروج من إسرائيل ومن لا، بالإضافة إلى القيام بمساعي قضائية مع محامين في دول مختلفة لحماية من صدرت بحقهم مذكرات اعتقال.
"ردود فعل الشارع الإسرائيلي" ويضيف أن الشارع الإسرائيلي يرفض بشكل عام مذكرات الاعتقال، ويعتقد أن ما قامت به إسرائيل في غزة يقع ضمن غايتها المعلنة بالدفاع عن النفس بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وأن "كل ما يقوم به الجيش الإسرائيلي يدخل في إطار محاربة الإرهاب".
يردف أنه "لا تزال هناك أصوات في إسرائيل تنادي بانسحاب إسرائيل من غزة وإنهاء الحرب، لكن ما ينادى به لا يقال من منطلق اتهامات المحكمة، بل هو نقد للحكومة يتم في سياق دفعها لتنفيذ صفقة مع حماس لإعادة الأسرى".
ويوضح "على المدى القصير، هناك شعور بالتضامن والتعاطف مع نتنياهو"، مستدركا حديثه "على المدى البعيد، سيتوّلد شعور بأنه حان الوقت لتبديل رئيس الحكومة المنشغل بقضايا في الداخل والخارج".
ويقول "هناك جزء كبير من الإسرائيليين الذين يرون نتنياهو زعيماً مهما كانت الاتهامات ضده، لكن هذه الأصوات لا تمثل الأغلبية، فنتنياهو بشكل خاص لا يستطيع أن يحظى بتأييد الأغلبية إن جرت الانتخابات اليوم"، مضيفاً "ولهذا السبب يرفض نتنياهو الذهاب لانتخابات".
منذ 11 ساعة