تغطية صحفية | عشرات القتلى والمصابين من سارقي المساعدات في حملة "سهم" بخانيونس.. كيف وصلت الأوضاع لهذه المرحلة؟

غزة - قدس الإخبارية: نفذت الأجهزة الأمنية في غزة حملة أمنية في منطقة خانيونس تستهدف مجموعات وعصابات متخصصة في قطع الطرق وسرقة المساعدات، وفق ما أكدته مصادر لـ "شبكة قدس".

وقالت مصادر لـ"شبكة قدس" إن قوة أمنية تتبع لوحدة "سهم" في غزة نفذت حملة ضد سارقي الشاحنات وقطّاع الطرق شرق خان يونس ورفح، حيث تم تسجيل عدد كبير من القتلى والإصابات.

في الأثناء، نقلت قناة الأقصى عن مصادر في وزارة الداخلية بغزة قولهم إن أكثر من 20 قتيلاً من عصابات لصوص شاحنات المساعدات في عملية أمنية نفذتها الأجهزة الأمنية بغزة بالتعاون مع لجان عشائرية.

وأكدت على أن العملية الأمنية اليوم لن تكون الأخيرة، بل بداية عمل أمني موسع تم التخطيط له مطولاً، وسيتوسع ليشمل كل من تورط في سرقة شاحنات المساعدات.

وشددت المصادر على أن الأجهزة الأمنية ستعاقب بيد من حديد كل من تورط في مساعدة عصابات اللصوص، وأنها وضعت الفصائل الفلسطينية في مخطط العملية ضد اللصوص وقاطعي الطرق، وحظيت بمباركة وطنية واسعة.

وأضافت أن الحملة الأمنية بغزة لا تستهدف عشائر بعينها، وإنما تهدف للقضاء على ظاهرة سرقة الشاحنات التي أثرت بشكل كبير على المجتمع وتسببت في بوادر مجاعة جنوب قطاع غزة.

وأشادت مصادر وزارة الداخلية بالعشائر الفلسطينية شرق رفح، وأكدت أن انجرار بعض أفرادها لمخططات السرقة لن يسيء لتاريخ هذه العائلات التي قدمت مئات الشهداء المقاومين.

ورصدت اتصالات بين عصابات اللصوص وقوات الاحتلال في تغطية أعمالها وتوجيه مهامها، وتوفير غطاء أمني لها من ضباط الشاباك.

وكانت مصادر فلسطينية قالت لـ "عربي 21" إن الأجهزة الأمنية في غزة شكلت مؤخرا قوة شرطية خاصة، مهمتها ضبط الأمن في القطاع، ومراقبة مستوى الأسعار في الأسواق، في محاولة للتخفيف من حدة الفوضى التي أحدثها الاحتلال منذ عدوانه المستمر منذ نحو 409 أيام متواصلة.

وكشفت المصادر أن القوة الجديدة التي أُطلق عليها "وحدة سهم" تتكون من عناصر شرطية وأمنية وبعض المتطوعين، واستدعتها الضرورة التي يعيشها قطاع غزة في ظل العدوان، خصوصا مع محاولات الاحتلال المستمرة لضرب الجبهة الداخلية، وزعزعة الأمن، وإطلاق اليد للعصابات واللصوص للعبث بأمن وقوت المواطنين.

وتتحرك القوة لضبط الأمن على الطرق الرئيسية، خصوصا في تلك التي تعبر منها المساعدات التابعة للمنظمات الدولية، والشاحنات التجارية المحملة بالبضائع، وتؤمن وصولها إلى المخازن المخصصة تمهيدا لتوزيعها على مستحقيها.

وتنشط القوة داخل الأسواق الشعبية، في محاولة لضبط حالة الارتفاع الكبيرة في الأسعار، والتي تسببت في حرمان الكثيرين من توفير غذائهم اليومي، وفق المصدر ذاته.

وإن القوة الجديدة تتحرك بلباس مدني، في محاولة لتفادي استهدف قوات الاحتلال لها، وهي مسلحة بأسلحة خفيفة، ونشطت مؤخرا في تأمين مرور المساعدات في شمال وجنوب قطاع غزة، كما أنها تعاملت مع مجموعات من اللصوص الذين حاولوا سرقة بضائع ومساعدات كانت قادمة لجهات إغاثية دولية تعمل في القطاع.

وخلال الأيام الماضية، انتشرت الأخبار حول صعود عصابات تعمل عل سرقة المساعدات الإنسانية الداخلة على قطاع غزة، والإستيلاء عليها عنوةً بقوة السلاح، بلغ الأمر ذروته يوم أمس الأحد، عندما أقدمت هذه العصابات على سرقة 109 شاحانات محملة بالمساعدات، من أصل 150 شاحنة دخلت القطاع.

نشأت هذه الظاهرة منذ فترة تقارب الشهر والنصف، في حين تعالت أصوات المكلومين من حرب الإبادة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، واحتكارها لدى بعض الجهات، في حين تأزمت الظاهرة لتطفو على السطح بشكل عصاباتٍ إجرامية منظمة.

وفي حديثٍ خاص لـ"شبكة قدس" قال الكاتب والباحث السياسي أحمد الطناني، إن منذ الأيام الأولى لإعادة دخول شاحنات المساعدات الإنسانية في 21 تشرين أول/أكتوبر 2024، بعد أسابيعٍ من الحصار المشدد، بدأت الظاهرة على شكلٍ من أشكال التعبير عن حجم المعاناة والحاجة التي سببتها المجاعة، وسرعان ما كُشف الستار عن وجود نوايا تخريبية وإجرامية للعديد من اللصوص والمجرمين الذين تحصنوا في المناطق الحدودية، وعملوا على استثمار حالة غياب قوى الأمن نتيجة استهداف الاحتلال لها، في حين سبق ذلك هجوم على مخازن وكالة الغوث من قبل بعض الفلسطينيين، وتسلل "البلطجية".

وأضاف الطناني إن خلال الشهور الماضية، ظهرت حالات من سرقة منازل النازحين، واتسعت تدريجياً مع غياب الأمن الذي عمل الاحتلال على تحطيم قوته واغتيال عناصره.

وأكد الطناني أن القائمين بدرجة أساسية على قيادة العصابات الإجرامية بالغالب هم محكومين سابقين إما مؤبدات أو إعدام، جزء منهم متهم بقتل، وجزء آخر تجار مخدرات، وبغالبهم أبناء حمولات عائلية، ومع بداية الحرب خرج كل هؤلاء من السجون، وبدأ النشاط في عمليات البلطجة والسرقة، أولًا باعتبار أن جميع هؤلاء حسابات الربح والخسارة محسومة لديهم، الربح الصافي توسع الفوضى وسقوط نظام الحكم، والخسارة الكبرى في عودة النظام وصمود الجهات الحكومية والأجهزة الأمنية.

واعتبر الطناني وفق للمعطيات على أرض الواقع، إن جيش الاحتلال استثمر في توفير مساحات آمنة لهذه العصابات بالسماح لهم بالعمل بحرية قرب الأماكن الحدودية وفي محيط المعابر، بينما يستهدف كل الطواقم الأمنية والشرطية وأي مجموعات أمن فصائلية ولجان شعبية تقترب من هذه الأماكن، أو تحاول تنظيم عملية توزيع المساعدات.

إضافة إلى ذلك، وضح الطناني إن هناك حالة تواطؤ بين سائقي الشاحنات والسارقين، بحيث يتم الاتفاق بين بعض السائقين ومجموعات البلطجة على مسار الحركة، والادعاء أن الشاحنة تم سرقتها، ويحصل السائق على تكاليف النقل من الجهة الممولة، وعلى حصته من سرقة الشاحنات وحمولتها، لذلك نجد السرقات أغلبها لشاحنات المؤسسات، بينما لا تجري حالات سرقة كبيرة لشاحنات التجار.

ويقول الطناني إن جزء من المؤسسات الدولية دفعت أموالاً مباشرة لهذه العصابات تحت عنوان "تأمين الشاحنات" وهذه الأموال سمحت لهذه المجموعات بالتوسع وشراء المزيد من السلاح والأتباع. في ذات الوقت رفضت هذه المؤسسات أي شكل من أشكال التعاون مع الجهات الحكومية الأمنية، والأمر سيان في التعاون مع لجان الحماية الشعبية.

استهداف الاحتلال لعناصر الأمن

منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، عمل جيش الاحتلال على استهداف مراكز الشرطة الفلسطينية والمراكز الأمنية في قطاع غزة، شمل الاستهداف عمليات اغتيالٍ مباشرة طالت عناصر وضباط الأمن الذين حاولوا فرض الأمان وتنظيم توزيع المساعدات على الفلسطينيين.

أبرز هذه الحالات اغتيال الشهيد المقدم فايق المبحوح، الذي ارتقى بعد اشتباكٍ مسلح تمكن به من قتل ضابط في جيش الاحتلال، جاء اغتيال المبحوح بعد إشرافه على توزيع الطحين بساعات قليلة، تبعه الشهيد المقدم رائد البنا، الذي اغتيل برفقة وزوجته وأبنائه جراء قصف إإسرائيلي على منزلهم.

وأكد الطناني أن الأمن يدفع بتضحيات يومية من شهداء وجرحى بسبب محاولتهم تأمين سير شاحانات المساعادات، وتطور وتوسع الاستهداف ليطال لجان الحماية الشعبية التي شكلتها فصائل المقاومة بالتعاون مع وزارة الداخلية بهدف تثبت فرض الأمن والتصدي لعصابات البلطجة والسرقة، وهي لجان تعرضت لاستهداف متكرر أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء من بين اعضاءها، هذا أثبت سلوك تكاملي، ما بين الاستهداف الإسرائيلي، وبين تنامي فعل مجموعات الفوضى والبلطجة.

وقد تعزز هذا الأمر بعد اجتياح رفح وخروج معبر رفح عن الخدمة وتحول مدينة رفح إلى منطقة عسكرية، حيث لا يمكن أن يصل الأمن إلى مناطق عمليات جيش الاحتلال بسبب الاستهداف المتكرر من جيش الاحتلال، الذي يسمح بحركة سلسلة لعصابات الإجرام لتعترض طريق الشاحنات الخارجة من معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الاسرائيلية.

وعند سؤاله عن آلية تمكن هذه العصابات من العمل، قال الطناني إن "استغلال المساحة التي وفرها الاحتلال للتحرك بعيدًا عن القبضة الأمنية، استثمار الخاوات والمردودات المالية عن عمليات السرقة في شراء المزيد من السلاح والأتباع، والتحصن في بعض الحواضن العائلية التي ينتمي لها قادة مجموعات الإجرام، واستغلال الواقع الاقتصادي الصعب في تجنيد وتوسيع القدرات البشرية للعصابات".

وقبل يومين أكثر من ٦ شهداء من لجان الحماية الشعبية باستهداف في منطقة موراج شمال شرق رفح، وبالأمس كان هناك استهداف لقوة أمنية في منطقة قيزان النجار جنوب شرق خانيونس.

ويوم أمس تدخلت المدفعية لقصف قوة أمنية حاولت التصدي لعملية سرقة الشاحنات شرق رفح، وارتقى من بين أفرادها شهداء، إضافة للعديد من الجرحى.


المزيد من شبكة قدس الإخبارية

منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 8 ساعات