«السَّرطان» هذا الدَّاء والابتلاء الذي يُبتلى به البعض كقدر من الله، يُواجَه اليوم بتحدِّيات من المعالجات التي تُشفي الإنسان منه -بإذن الله- بناءً على ما توصَّلت إليه الأبحاث الحديثة من نتائج، لكن كونه متعدِّد الحالات، يحمل هويَّات بيولوجيَّة متنوِّعة ومعقَّدة، ويصيب كلَّ الأعضاء والأنسجة والخلايا الصلبة منها والسائلة، فلا يزال غامضًا في الكثير من أنواعه، ولم يصل الباحثون إلى معرفة دقيقة لعلاج جميع أنواعه. وبناءً على ذلك، يجب على الباحثين مواصلة التعرُّف عليه أكثر، من خلال البحث العلمي لسبر أغواره، ومعرفة أسراره، ومن ثمَّ التَّوصل إلى علاجه، والشِّفاء منه -بإذن الله-.
لقد أنشأت الدولة -رعاها الله- هيئة مستقلِّة ترعى جميع شؤون البحث العلمي وابتكاراته، هي هيئة تنمية البحث والتَّطوير والابتكار التي من أعظم اهتماماتها هو تطوير البحث العلمي في المملكة، وتأتي الجوانب الصحيَّة في مقدِّمة الاهتمام بالبحث العلمي في الهيئة، خاصَّةً الأمراض المستعصية مثل السَّرطان الذي يزيد انتشاره يومًا بعد يومٍ، فالهيئة بالتَّالي معنيَّة بأبحاثه، وتحاول بدورها أنْ تحدَّ من زيادة حالاته في المملكة -خاصَّة سرطان الثَّدي، والقولون، والغُدَّة الدَّرقيَّة، واللوكيميا- وذلك بمزيد من الأبحاث الجادَّة، والبحث عن سُبل لدعمها؛ ممَّا قد ينتج عنه -مستقبلًا- محاصرة السَّرطان، وبالتَّالي تخفيض تكلفة الرِّعاية الصحيَّة للسَّرطان، حيث تُقدَّر التَّكلفة الحاليَّة بحوالى ١٨ مليار ريال، بما نسبته ٨٪ من إجمالي تكلفة الرِّعاية الصحيَّة في المملكة.
إنَّ تحرُّك الهيئة لمواجهة ذلك يُخطَّط له بالعديد من المبادرات، والتي من ضمنها مبادرتان مهمَّتان تخصُّان أبحاث السَّرطان، أُولاهما مبادرة التَّحالف الوطني لأبحاث السَّرطان، وفق خطَّة إستراتيجيَّة وطنيَّة مدروسة، ورسم خارطة الطَّريق لأبحاث السَّرطان، وثانيتهما مبادرة دعم مشروعات أبحاث السَّرطان في المملكة بالتَّنسيق مع منصَّة «إحسان»؛ بهدف تحفيز مساهمة المجتمع -مواطنين ومقيمين- للتبرُّع والمشاركة الفاعلة، وكذا الكيانات التجاريَّة التي من المفروض أنْ يكون لها أثر اجتماعي إيجابي لدعم البحث العلمي، مبادرة كهذه هي البذرة الأُولَى في تحريك فكرة التبرُّعات والتي يجب أنْ تتوسَّع لتشمل رجال ونساء الأعمال، والميسورين، والميسورات من المجتمع، بالإضافة إلى ما يرصد من ميزانيَّة من الجهات الحكوميَّة -جامعات، ومراكز بحثيَّة، ومستشفيات-، فالجامعات والمراكز البحثيَّة العالميَّة تستمد دعمها ورعايتها، بالإضافة إلى ميزانيَّة الجهات الحكوميَّة، وهي ميزانيَّات كبيرة ما يقدَّم لها من مليارات الميسورين، وأوقافهم وعطاءات المجتمع من طبقاته المختلفة كشريك في محاربة السَّرطان.
البحث العلمي اليوم بشكل عام في تخصصاته المتعددة، خاصة ما له علاقة بالناحية الصحية، وعلى وجه الخصوص معضلة السرطان، يجب أن يرصد له ميزانية كبيرة؛ كي يكون على المستوى العالمي في محاربته، من خلال الأبحاث، خاصة أن لدينا كوادر بحثية سعودية عالية الكفاءة، وتخرجت في أرقى الجامعات العالمية، فيجب على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار أنْ تستثمرهم لصالح الوطن بدعمها لمشروعاتهم البحثية.
منذ 8 ساعات