خيم الحزن فجر الخميس الماضي على الوسط الاجتماعي والرياضي بنبأ وفاة الدكتور عمار هيثم عبدالله بوقس، ورحيله بعد مسيرة حافلة بالتحديات والعزيمة والإصرار وقهر المستحيل.
عمار هو حفيد عبدالله بوقس مدير تعليم جدة سابقاً «يرحمه الله» وابن هيثم بوقس وهو الذي قال حينما بدأت تظهر أعراض المرض عليه. بعدما ولد طبيعيا «كله خير»، فهو من بيت دين وعلم، والمعاناة كانت وفق هذا التأسيس نجاحا باهرا صنعه عمار.
درَس وتعلم وحصل على الدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية ونجح في إنشاء «جمعية الإرادة».
وحظي عمار بدعم كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما التقى به.
جاهد عمار من أجل جمعية الإرادة، بعدما وجد الدعم الكبير من الدولة، أعزها الله، فطورها وجعل لها جائزة عالمية، وهذه كانت كلمة عمار باستمرار لكل من أراد أن يستقطبه للعمل معه في جمعية الإرادة، حيث يرفض النظر لذوي الإعاقة بعين العطف ويقول عمار: «هؤلاء لهم ميزانية من الدولة وستعمل براتب حتى أتمكن من محاسبتك بدقة»، والهدف عمل احترافي يليق بالأبطال فهو يراهم أبطالا كاملي الإرادة والعزيمة لذلك أسس «جائزة عمار» لتقديم إبداعاتهم من أجل الاندماج والتمكين في المجتمع.
هذا جزء من عمله الاجتماعي، ولكن ماذا عن دوره الإعلامي والرياضي، حيث أجرى حوارا ثريا مع صحيفة «المدينة» التي احتضنته وكان الحوار بعناوين مثيرة جدا كشفت عن موهبة إعلامية قدمه للصحيفة أستاذه بالجامعة الدكتور أنمار مطاوع من خلال نائب رئيس التحرير الأستاذ عبدالله العمري الذي تبنى الموهبه وقدمه لنا في القسم الرياضي، ومن هنا بدأت علاقتنا، ككاتب مقال ساخن جدا ثم عمل محررا في القسم الرياضي أخبار انفرادية وسبق صحفي متواصل وحوارات جريئة ومثيرة، ثم قدم عملاً مميزاً من خلال مقارنات بين النجوم وربطنا ذلك بموقع الجريدة، فأصبح لدينا آراء المدربين يقدمها عمار بالحديث معهم وآراء الجماهير عبر موقع صحيفة المدينة ..عمل مهني مثير من إعداد وتقديم وإخراج عمار ثم انتقل لصحيفة عكاظ وهناك كان نجاح آخر قبل أن يعود مرة أخرى إلى بيته الإعلامي صحيفة «المدينة» ويجدد النجاحات وأخيراً حط رحاله في صحيفة الرياضية بمقال أسبوعي جاد ونقد وطرح رياضي قوي ومفيد وآخر مقالاته قدم 77 اسما تصلح، للعب في المنتخب الوطني عكس ما يتردد عن شح المواهب، هذا المقال تلقى عليه عمار خطاب شكر من اتحاد الكرة وهو آخر مقالاته المنشورة الأسبوع الماضي.
هذه المقالة تستحق القراءة والتوقف عندها فتضع حد للأحاديث الإنشائية، فمقال مهني عالي الجودة.
قاهر المستحيل لم يقف دوره الإعلامي على الصحف الورقية فقط بل امتد إلى العمل المرئي فقدم برنامجا عن ذوي الإعاقة اتسم بالشمولية وكالمعتاد يقدمهم أشخاصا طبيعيين أصحاب إرادة «أبطال» وكنت أحد ضيوف تلك الحلقات وكان محور الحلقة عن مشاركة أصحاب الإرادة في البطولات وانجازاتهم الرياضية وعن أدق التفاصيل، عن الحوافز وماذا يقدم لهم من مصروف يومي أثناء البطولات ودور اللجنة البارالمبية معهم.
ومن الأحداث التي تبين قوة إرادة عمار ابتعاده قسرا عن رئاسة مجلس إدارة جمعية الإرادة وهنا خاض مرحلة تحديات ودخل الانتخابات وفاز وعاد مجددا رئيسا لمجلس إدارة الجمعية في فترة أقل من شهر وابتعاده عن المجلس نحو شهرين فقط أن العزيمة والإصرار والإرادة، وقبل وفاته بيوم كان مشاركا في اجتماعات متواصلة في ذلك اليوم، وفي ساعات الفجر تعرض إلى أزمة ونقل للمستشفى وغادر الدنيا بضيق التنفس وقلة الأوكسجين في الدماغ.
ويذكر أنه مرض قبل ذلك عدة مرات وأمضي في المستشفى فترة ودخل في غيبوبة، لكن حينما حانت الساعة غادر في سويعات أو أقل بكثير فأمر الله نافذ لا محالة.
قصة عمار سردتها مختصرة توثيق ووفاء يستحق مجلد كامل لإيفائه جزءا من حقوقه علينا كبطل من الأبطال في كيفية قهر المستحل وتضمن دروس وعبر تستحق التوقف عندها والاستفادة منها لكل المجتمع.
رحم الله الدكتور عمار القدوة والنموذج الذي يحتذى به في قوة الإصرار والإرادة والإبداع ودعم المبدعين إلى جنات الخلد يا عمار بعدما تركت إرثا عظيما بعملك وبجمعية الإرادة وطفلتيه بارك الله فيهما.
منذ 6 ساعات