يواجه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو تحدياً سياسياً جديداً مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في وقت يعاني فيه من تراجع غير مسبوق في شعبيته وانهيار تدريجي لحكومته الليبرالية، في هذا الصدد كشفت صحيفة "التليجراف" أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستشكل ضربة قاصمة لمستقبل ترودو السياسي، وستعجل برحيله عن المشهد السياسي الكندي.
مسيرة سياسية حافلة بالإخفاقات
تشهد الساحة السياسية الكندية تحولاً كبيرًا في المزاج العام تجاه رئيس الوزراء جاستن ترودو، الذي بات يواجه أزمة ثقة غير مسبوقة في تاريخه السياسي، وأوضحت الصحيفة أن سلسلة من الأخطاء والفضائح السياسية قد أضرت بشدة بصورته أمام الناخب الكندي، حيث تورط في ثلاث وقائع مثيرة للجدل ظهر فيها بوجه ملطخ بالطلاء الأسود، وارتكب انتهاكين أخلاقيين موثقين، بالإضافة إلى دخوله في مشاحنات علنية مع عدد من النائبات والوزيرات.
وقد أدى إنفاقه المفرط للأموال العامة إلى انتقادات حادة من المعارضة والرأي العام، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تأثير الضرائب المرتفعة على المواطن الكندي العادي.
وفي تفاصيل مثيرة كشفتها "التليجراف"، فإن مزاعم التدخل الصيني في انتخابات 2019 و2021 قد ألقت بظلال من الشك على نزاهة العملية الديمقراطية في كندا، وأضعفت ثقة المواطنين في قدرة حكومة ترودو على حماية مصالح البلاد.
كما أثار قراره بقضاء عطلة مع عائلته في توفينو، بريتيش كولومبيا خلال اليوم الوطني الأول للحقيقة والمصالحة، موجة من الغضب الشعبي، واعتُبر تجاهلاً صارخاً لقضية حساسة في المجتمع الكندي.
ماكرون ودراجي.. أوروبا في مرمى نيران الرسوم الجمركية الأمريكية
أزمة دبلوماسية متفاقمة
كشفت الصحيفة عن تدهور العلاقات الدبلوماسية لكندا مع العديد من القوى العالمية تحت قيادة ترودو، فعلى الصعيد الآسيوي، تشهد العلاقات مع الصين والهند توتراً متزايداً، مما يؤثر سلباً على المصالح الاقتصادية والتجارية الكندية.
أما على الصعيد الأمريكي، فقد فشل ترودو في بناء علاقات فعالة مع كل من الرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس جو بايدن، مما وضع كندا في موقف صعب مع أهم شريك تجاري واستراتيجي لها.
وأضافت الصحيفة أن موقف ترودو المتذبذب من قضايا الشرق الأوسط وإسرائيل قد أضعف مصداقيته على الساحة الدولية، كما أن حادثة تكريم نازي في البرلمان الكندي قد شكلت ضربة قوية لسمعته وسمعة حكومته.
هذه الأخطاء الدبلوماسية المتكررة جعلت من الصعب على كندا الحفاظ على مكانتها كوسيط دولي موثوق به.
انهيار شعبي وتراجع حزبي
كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة عن تراجع حاد في شعبية ترودو وحزبه الليبرالي، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "ليجر" في نوفمبر 2024 أن نسبة الرضا عن أداء ترودو لم تتجاوز 27%، بينما ارتفعت نسبة عدم الرضا إلى 68%، مع وجود 5% فقط من المستطلعين أبدوا رضاهم الكامل عن أداء الحكومة الحالية.
وأوضحت "التليجراف" أن حزب المحافظين بقيادة بيير بوليفر قد تمكن من تحقيق تقدم كبير في استطلاعات الرأي منذ توليه قيادة الحزب في سبتمبر 2022، إذ وصل الفارق في بعض الاستطلاعات إلى 20 نقطة لصالح المحافظين. وتشير كل المؤشرات إلى احتمال خسارة ترودو للانتخابات الفيدرالية المقبلة بفارق كبير، مما قد يضع حداً لمسيرته السياسية.
مستقبل قاتم في ظل عودة ترامب
يختتم الصحيفة بالإشارة إلى أن محاولات ترودو وحزبه الليبرالي استغلال عودة ترامب كطوق نجاة سياسي لن تجدي نفعاً هذه المرة. فقد فشلت محاولاتهم في تشويه صورة بوليفر من خلال مقارنته بترامب، حيث يتمتع زعيم المحافظين بشخصية سياسية مستقلة وأفكار متميزة تلقى قبولاً متزايداً لدى الناخب الكندي.
وأشار استطلاع حديث أجرته مؤسسة "نانوس ريسيرش" بين 4-6 نوفمبر إلى تراجع تأييد ترودو كأفضل خيار لقيادة الليبراليين إلى 11% فقط، في حين حصل خيار "لا أحد مما سبق" على 26%، مما يعكس عمق الأزمة التي يواجهها.
ويؤكد "التليجراف"أن سياسات ترودو التقدمية لم تعد تلقى قبولاً في كندا والولايات المتحدة، كما أن قيادته الضعيفة والمترددة ستجعله في موقف صعب أمام رؤية ترامب القوية لإعادة أمريكا إلى مجدها السابق.
منذ 13 ساعة