بعد فوز ترمب في الانتخابات، ارتفعت الأسهم الأميركية بسرعة، لكن الأسواق قد تواجه تحديات مع أجندته السياسية المجهولة. #اقتصاد_الشرق

فكر في الطرق التي تجلت بها "تجارة ترمب" النموذجية، أي التعاملات التي تراهن على فوز ترمب برئاسة البلاد، في الأيام الأخيرة، مقارنة مع "سوق ترمب 1.0" أو في نسختها الأولى. حينها، كما هو الحال الآن، ارتفع مؤشر "إس آند بي 500"، فيما كان أداء أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة أفضل بكثير. لكن فوز ترمب كان مفاجأة كبيرة في 2016، أما هذه المرة، فبدا أن الأسواق استشعرت تميزه قبل أسابيع من يوم الانتخابات.

بحساب 40 يوماً من التداول قبل التصويت، نجد ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" قد تجاوز بالفعل بعض مكاسب السوق الأولية التي شهدتها خلال فوز ترمب في المرة الأولى.

أداء الأسهم بين 2016 و2024

من الواضح أن مؤشر الأسهم الكبيرة ظل نافذة استثمار جيدة خلال سنوات ترمب الأولى، لكن من الضروري أن نتذكر أن "إس آند بي 500" يميل إلى تحقيق عائد بنحو 10% سنوياً في المتوسط، وما أن انتهى الارتفاع التلقائي السريع بعد الانتخابات في المرة الأولى، حتى سجل المؤشر في أول عامين من رئاسة ترمب عوائد أقل من هذا المتوسط، حتى بعد أن خفض الجمهوريون معدل الضريبة على الشركات.

في عام 2016، شهد مؤشر "راسل 2000" ارتفاعاً كبيراً بعد فوز ترمب. لكنه لم يحقق الكثير بعد ذلك حتى النصف الثاني من عام 2017.

حتى التعاملات المرتبطة بترمب على أسهم الميم، مثل أسهم شركات إدارة السجون الخاصة، تقترب من ذروة مكاسبها التي سجلتها بعد عدة أشهر من يوم الانتخابات قبل ثماني سنوات. وكتذكير، فقد تكهن المستثمرون بأن حملات ترمب ضد الهجرة ستترجم إلى زيادة الطلب على مرافق الاحتجاز والخدمات الشبيهة بتلك التي تقدمها شركتا "كور سيفيك" (CoreCivic) و"جي إي أو غروب" (GEO Group).

يوضح أداء السوق في تلك الأسهم كيف أن "تجارة ترمب" في 2024 هي نسخة أسرع في حركتها من "تجارة ترمب" في 2016. (أصبحت بتكوين من استثمارات الميم الأخرى المرتبطة بـ"تجارة ترمب" هذا العام، رغم صعوبة مقارنتها بعام 2016، حيث لم يكن لها نفس الارتباط بالمرشح آنذاك).

من الواضح أن خلفية الأحداث مختلفة تماماً. أولاً، في وقت كتابة هذا التقرير، تم تداول مؤشر "إس آند بي 500" عند حوالي 22.6 ضعف المتوسط المرجح للأرباح المستقبلية، وهو أعلى مستوى منذ فقاعة الدوت كوم (باستثناء فترة ما بعد الوباء الغريبة في 2020-2021).

كذلك تخرج السوق من فترة استثنائية امتدت لعامين تجاوزت فيها العوائد المتوسطات التاريخية بنسبة مريحة، على عكس 2016، عندما كانت سوق الأسهم خارجة من انخفاض كبير في وقت سابق من ذلك العام.

أظهرت التجربة الأخيرة أن قوة الدفع يمكن أن تحمل موجات الصعود إلى أبعد مما نتوقع، إلا أن وجود الجاذبية، يعني أن السوق يجب أن تتباطأ عند نقطة معينة. ولا يعني ذلك أن هناك أزمة توشك على الانفجار، لكنه سبب يكفي لتوقع تراجع الأداء دون المستوى.

التحديات الاقتصادية

ثانياً، الخلفية الاقتصادية الكلية نفسها تعطينا بعض أسباب القلق. خلال السنوات الثلاث الماضية، فاجأ المستهلكون الأميركيون الاقتصاديين باستمرار أنماط إنفاقهم. حتى بعد ارتفاع أسعار الفائدة للمرة الأولى، استطاع المستهلكون الاعتماد على ارتفاع الأجور الاسمية وفائض المدخرات. وبعد ذلك استطاعوا أن يعتمدوا على ثرواتهم الشخصية (الأسهم وحقوق الملكية في المنازل) التي ازدهرت خلال الوباء، بالإضافة إلى أرصدة بطاقات الائتمان التي لم يتم استخدامها نسبياً.

لكن أجندة ترمب من الرسوم الجمركية والترحيل الجماعي للمهاجرين والعجز الكبير في الموازنة العامة والحساب الجاري، عوامل من المحتمل أن تواصل الضغوط الصعودية على معدل التضخم وتكاليف الاقتراض لفترة أطول مما كان يعتقد الكثيرون منا من قبل، وليس واضحاً ما سيعتمد عليه المستهلكون بعد ذلك. فقد انتهت قصة "فائض المدخرات"، ولم تعد ميزانيات الأسر جيدة كما كانت من قبل، رغم أنها أبعد من أن تثير القلق. كما تنخفض أسعار المنازل في العديد من الولايات، مما يؤثر على حقوق الملكية فيها.

إلى حد ما، ستعتمد السنتان القادمتان على ترتيب تنفيذ ترمب لأولوياته السياسية. ففي أسهم الشركات الصغيرة، تلاشى التأثير الصعودي الأول لترمب قبل يوم التنصيب بفترة وجيزة. وقدمت السياسة دفعة لاحقة في النصف الثاني من 2017 مع ظهور الإصلاح الضريبي، ولكن بحلول 2018، شكلت الحرب التجارية مع الصين عبئاً على أداء الأسهم.

تناقضات في أجندة ترمب

حتى إذا تمكن ترمب من تحقيق تخفيض آخر مقترح في معدل الضريبة القانوني للشركات، فلن يكون كبيراً بنفس حجم التخفيض السابق، وتنم خطاباته عن أن الحرب التجارية قد تكون أكبر ومثيرة لتقلبات أكثر.

كذلك يمكن أن تساعد الأسواق نفسها في تشكيل أجندة ترمب. ففائدة الرهن العقاري لمدة 30 عاماً تبلغ الآن نحو ضعف ما كانت عليه أثناء ولايته السابقة، مما يضعف كثيراً من قدرته على شن حرب تجارية تضخمية، من دون أن يخسر دعم المشترين المحتملين للمنازل.

وبالمثل، فإن سعر الدولار المرجح بالتجارة أعلى بنحو 10% مما كان عليه في هذه الفترة من عام 2016، مما يضر بالقدرة التنافسية للمصدرين، ويقوض هدف ترمب المعلن المتمثل في تنشيط التصنيع المحلي. هناك تناقض داخلي في أجندته، وهذا يجعل نتائجها المحتملة غائمة للغاية بالنسبة للأسواق.

الحقيقة الواضحة هي أننا تجاوزنا فترة أرباح المضاربة الأولية من "تجارة ترمب"، أي تحقيق أرباح من التداول عبر الرهان على فوز ترمب. وسوف تشهد الأشهر القادمة عودة إلى التركيز على الدورة الاقتصادية، وارتفاع قيم الأسهم، وأجندة سياسية قد لا تكون إيجابية بذات الوضوح والقطعية التي يبدو أن العوائد الأولية تدل عليها.


المزيد من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

منذ 9 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة