عانت السيدة حصة كثيراً من الشعور بالذنب، وهي تجد الأمر كأمٍ أمراً أكثر شيوعاً من حولها؛ حيث نشأ شعور الذنب لديها نتيجةً للضغوط التي تعرّضت لها لتلبية معايير عالية في تربية الأبناء، وهذا ما جعلها تشعر بعدم الكفاءة. تقول في نفسها: "من الطبيعي أن أشعر بهذه المشاعر، لكنْ هناك طرق فعالة لإدارتها. بدءاً من التوقُّف عن متابعة "الأمهات الخارقات" على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى طلب العلاج. وهناك خطوات عملية، نصحني بها الطبيب، يمكن اتخاذها لتقليل شعور الذنب لدى الأمهات وتقبُّل رحلة تربية الأبناء بثقة وتعاطف مع الذات، وإليكم الحلول.
ما هو شعور الأم بالذنب؟ تقول السيدة حصة: "كنت أشعر بالذنب، لمجرد أنني لا أتمكّن من تلبية احتياجات أطفالي. لكن مَن حولي يفرضون عليّ معايير أعلى. وقد أخبرني الطبيب النفسي، الذي زرته لاحقاً، بأن الشعور بالذنب تجاه الأم هو تجرِبة طبيعية بالنسبة للعديد من الأمهات. وهو ينبع من الضغوط المجتمعية والتوقعات الشخصية بأن تكون الأم المثالية. ورغم أن هذه المشاعر شائعة، إلا أنه يمكن إدارتها من خلال التعاطف مع الذات، والدعم من الآخرين، والمساعدة المهنية. إن إدراك أنكِ لستِ وحدكِ في الشعور بهذه الطريقة، يعَد خطوة مهمة نحو التغلُّب على الشعور بالذنب عند الأم".
الأسباب الشائعة لشعور الأم بالذنب
تشعر الأمهات بالذنب نتيجة لمجموعة واسعة من الأسباب، بما في ذلك الشعور بالسوء تجاه العمل أو الرغبة في قضاء بعض الوقت بعيداً عن أطفالهن. وفيما يلي بعض الأسباب الشائعة التي قد تجعل النساء يشعرن بالذنب تجاه أبنائهن، كما ذكرتها الأمهات في تجاربهن:
الشعور بالغضب أو إظهار العدوان في بعض الأحيان، تُظهر الأمهات عدوانية جسدية أو لفظية أو عاطفية تجاه أطفالهن؛ مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى التدخُّل مع قسم الأطفال والأسر (DCF). لكن العديد من الأمهات اللواتي تصرّفن بغضب سيعبّرن لاحقاً عن الشعور بالذنب تجاه الأطفال أو الندم. ومع ذلك؛ فإن العدوان تجاه الطفل ليس مناسباً أبداً، ولكن للأم طاقة صبر، قد لا تتمكن من زيادتها.
يقول الطبيب المتخصص: "من مسؤوليتنا كبالغين، أن نتعلم كيفية إدارة غضبنا وعدوانيتنا بطريقة صحية وغير سامة. كما أن تقديم نموذج للسلوك الإيجابي، أمرٌ مهم لصحة طفلكِ بشكل عام".
الرغبة في المغادرة أو الخروج قد تستسلم بعض الأمهات لفكرة الانتحار، حسب اعترافاتهن، وفي هذه الحالة فإن طلب المساعدة المهنية أمرٌ بالغ الأهمية. يعلّق الطبيب النفسي: "هناك خطوط ساخنة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وخيارات الدردشة، إذا كنتِ بحاجة إلى دعم فوري. هذه المشاعر حقيقية للغاية، تمر بها الكثير من الأمهات، ولا ينبغي تجاهُلها.
أسطورة الأمومة تشعر العديد من النساء بأن أمومتهن ليست مرتبطة بموقف معين؛ بل إنها مرتبطة بالتوقعات الثقافية حول ضرورة الحب المستمر، وعدم الغضب أبداً، والاهتمام الدائم حتى ولو ظللتِ مع أطفالك أياماً وأنتِ في المنزل تعتنين بهم؛ فهذه على ما يبدو مهمتك وواجبك، مع أنكِ قد لا تكونين سعيدة بالتواجُد في المنزل مع أطفالكِ والعناية بهم طوال الوقت.
شعور الأم العاملة بالذنب مع تكيُّفك مع دوركِ كأم، لا بأس من تخفيف قبضتك أو تغيير طريقة ظهوركِ في أجزاء أخرى من حياتك، من أجل إدارة كل الضغوط التي تتعرضين لها. في معظم الأحيان، يواجه الآباء العاملون صعوبة بالغة في التعامل مع هذا التحوُّل في المنظور. من المرجّح أن تكون أولوياتكِ قد تغيّرت، ولا بأس من التراجع وإعادة التقييم.
مقارنة الأم بين أطفالها عندما يكون لديكِ أكثر من طفل، قد يكون من الصعب عدم مقارنة تجارِب وشخصيات أطفالك ببعضهم، وقد يبدأ الشعور بالذنب في التسلل إليكِ. إن الأشياء التي تجعل أطفالكِ أقل من "الكمال" هي سبب حبنا لهم. يعلّق الطبيب: "من المهم أن تكوني منتبهة وتهتمي بكيفية تعاملك أنت وأفراد الأسرة الآخرين مع بعضكم البعض. حاولي التأكُّد من حصول كلّ طفل على بعض الوقت معكِ.
9 نصائح للتغلُّب على شعور الأم بالذنب إن الاعتناء بنفسك لا يقل أهمية عن الاعتناء بأطفالك. خذي وقتكِ في تصوُّر وتخطيط كيفية إحداث تغيير في حياتك، ولكن اعلمي أن كل النصائح لن تنجح مع جميع الأمهات؛ لذلك ابحثي عن أفضل الطرق لدعم نفسك والمُضي قُدماً.
إليك 13 إستراتيجية تساعدكِ في التغلُّب على شعور الذنب تجاه الأمومة:
1. تعاطفي مع ذاتك
إن الشعور بالذنب تجاه الأمومة يُلقي عليك باللوم والعار (أو ربما يكون هناك شخص ما يُشعركِ بالذنب تجاه تربيتك لأطفالك؛ مما يجعل الموقف أسوأ!). من الطبيعي أن ترغبي في الدخول في دوّامة من الشعور بالذنب والعار والحديث السلبي مع نفسك. لكن عندما تمارسين التعاطف مع نفسك؛ فإن ذلك يتيح لك مساحة لمسامحة نفسكِ على الأخطاء، والحب بشكل أعمق، وفتح فرص للنموّ.
2. تواصلي مع الآخرين واطلبي المساعدة المشكلة الأكثر شيوعاً عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الشعور بالذنب تجاه الأم، هي عدم القدرة على التواصل أو مشاركة مشاعرك مع الآخرين. تذكّري أنه لا أحد يستطيع قراءة أفكار الآخرين؛ لذا حاولي ألّا تفترضي أن احتياجاتك واضحة لمَن حولك. ما الذي تحتاجين إليه بالفعل- هل تحتاجين إلى ليلة بمفردك، أو ربما حتى ليلة في فندق؟ أو وجبة ساخنة من دون انقطاع؟ ربما تحتاجين إلى دش طويل ودافئ. هذه الأشياء في متناولك، ولكن عليكِ أن تعملي على طلب المساعدة من شريككِ أو غيره من الداعمين، بطريقة واضحة لكلٍّ منكما.
3. استمعي إلى أطفالك وحدسكِ خذي وقتكِ لتعلمي ما تقوله غريزتك، والأهم من ذلك، ما يقوله أطفالك ويشعرون به. إن تربية الأطفال الصغار تتطلب بعض التأمل، ولكن ردود أفعال أطفالك يمكن أن تساعد في التحقق من مشاعرك أو تزوّدك بمعلومات قد تلهمك لإجراء تغيير. فكّري في هذا باعتباره فرصة للتقرُّب من أطفالك والنموّ في هذه العلاقة معهم.
4. استعيني بعاملة لمساعدتك
لا يوجد شيء أكثر إرهاقاً من رعاية طفلك حديث الولادة مع تذكُّر إطعام نفسك وشريكك وأطفالك، ناهيك عن الغسيل المستمر. إذا أمكن، استأجري مساعدة إضافية بدلاً عن محاولة تقسيم المسؤوليات بين شخصين يعملان بدوام كامل لإنجاز كل شيء أسبوعاً بعد أسبوع. يمكن أن يساعدك ذلك في تخصيص وقت ثمين للاستمتاع بعائلتك المتنامية.
يمكن أن تكون هذه المساعدة المستأجَرة شيئاً يحدث مرة واحدة في الشهر، أو حسب الحاجة، ويعتمد التردد على ميزانيتكِ واحتياجاتك.
5. تذكّري مَن أنتِ بعد الأمومة من السهل للغاية أن تضيع نفسكِ في خضم رعاية أطفالك. لذلك حاولي أن تخصصي وقتاً بانتظام للقيام بالأشياء التي تستمتعين بها حقاً. فكّري في هوايات قديمة أو شيء كنت دائماً فضولية بشأنه، مثل: حضور حدث جماعي، أو دعوة صديقة للانضمام إليكِ في فصل يوجا. لن يساعدك هذا فقط في البدء في استكشاف اهتماماتك، ولكنه أيضاً طريقة رائعة للتواصل مع البالغين الآخرين.
6. حددي بعض الوقت للاسترخاء إن تخصيص الوقت لإعادة شحن الطاقة أمرٌ ضروري للغاية؛ للتعامل مع الشعور بالذنب تجاه الأمومة. سواء أكنتِ أماً عاملة أو أماً ربة منزل أو أماً رائدة أعمال؛ فإن الانفصال عن التزاماتك وتخصيص الوقت للعناية بنفسك، أمرٌ مهم للغاية. قد يعني هذا التخطيط لأمسية من التدليل أو صباح للنوم. إن اعتناءك بذاتك سيساعد في تحسين أدائك العام في مجالات متعددة من حياتك؛ لذلك قومي بإجراء جرد لأنشطة الرعاية الذاتية التي تقومين بها بشكل جيد، واستكشفي أنشطة الرعاية الذاتية الجديدة، وابحثي عن فرص محتملة للشعور بالتحسُّن.
7. كوني ممتنة لما حولك
على الرغم من سهولة الانشغال بضغوطات الحياة ومتطلباتها، إلا أنه من الأفضل أن تأخذي وقتاً لممارسة الامتنان. فعندما تمارسين الامتنان بانتظام، تبدأ طريقة تفكيرك في التحوُّل وتلاحظين الأشياء الصغيرة التي تجعلها أكثر إشراقاً. وقبل النوم مباشرة، تدرّبي على التفكير في ثلاثة أشياء جعلتكِ تبتسمين؛ حتى ولو كانت لحظة وجيزة. ربما كان ذلك شيئاً لطيفاً حدث مع أطفالك، أو شيئاً فعلتِه لنفسك؛ حتى ولو كان يبدو "صغيراً جداً بحيث لا يمكن ذِكره".
عند البدء في ممارسة الامتنان، قد تواجهين بعض المقاومة في البداية، لكن الأمر يصبح أسهل وتحدث مشاعر الامتنان هذه بشكل تلقائي. كما أن الامتنان يمكن أن يساعدكِ على التركيز على ما هو جيد في حياتك، وبناء المرونة، وتحسين علاقاتك.
هل تدركين أسرار تقوية العلاقة بين الأمهات والأبناء؟
8. حددي مصدر شعوركِ بالذنب أيْ حاولي أن ترَي النور. وركّزي فقط على نوبة غضب واحدة في كلّ مرة، لا تفكري بماذا سيزعجك غداً، أو حتى بعد ساعة، وافهمي جذور الشعور بالذنب؛ فهذا قد يساعدك على فتح عينيكِ على مجالات حياتكِ التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. في بعض الأحيان يكون هذا المصدر داخلياً مع التوقعات التي وضعتِها على نفسكِ لأداءٍ بمعيار معين. وفي بعض الأحيان يكون هذا المصدر خارجياً، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الأسرة، التي تتوقع سلوكيات معينة من الأمهات. حددي المصدر الأكثر أهمية واعملي على اكتشاف قِيمك الحقيقية كوالدة.
9. تعرفي على الأفكار غير المنطقية من حولك على الرغم من صعوبة تحمُّل الانزعاج؛ فمن المهم أن نركز على الأفكار لفحص ما هو عقلاني وما هو غير عقلاني. مشاعركِ مكان تقدير، ولكن في كثير من الأحيان يكون لدى الناس أفكار غير عقلانية تشكّل آراءهم عن أنفسهم. تحدّي تلك الأفكار غير العقلانية، وأنت لستِ مضطرة لتبنّيها. وخذي وقتك لتقرري ما إذا كان الأشخاص الذين ينتقدونك أو يَحطّون من قدركِ، هم الأشخاص الذين يستحقون الجلوس على طاولتك.
بين الخرافة والحقيقة: هل حزن وبكاء الأم المرضعة يغير طعم الحليب؟
* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.
منذ يوم