بتاريخ 13/12/2019 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين على تمديد تفويض عمل وكالة الأونروا لثلاث سنوات جديدة تنتهي في حزيران/يونيو 2023. التصويت الذي حاز على 167 صوتاً يعتبر مؤشراً نوعياً للدعم المعنوي والسياسي الدولي للوكالة وضرورة استمراريتها في تقديم خدماتها الى حين العودة وهو ما جاء حرفياً في قرار التمديد للجمعية العامة بأن التمديد لعمل الوكالة يشترط الا يخل بالفقرة 11 من القرار 194 الذي اكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات.
تُقدم الوكالة الخدمات لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل يعيشون في 58 مخيماً ومئات التجمعات في مناطق عملياتها الخمسة في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن من الصحة والإغاثة والبنى التحتية وتحسين المخيمات والقروض الصغيرة والحماية، والتعليم المجاني لأكثر من 600 ألف طالب وطالبة بالإضافة إلى توفير فرصة عمل لحوالي 30 ألف موظف فلسطيني، وعلى الرغم من عدم تلبيتها لكامل الحاجات المطلوبة، لكن تلك الخدمات تساهم في التخفيف من الأعباء الاقتصادية الملقاة على كاهل اللاجئين.
في المعلومات وتسلسل وتطور الأحداث:
مع مطلع عام 2017، بدأت مراكز دراسات وأبحاث ومواقع إلكترونية صهيونية فبركة ونشر أخبار كاذبة عن الوكالة. فبحسب تلك المراكز والمواقع الإلكترونية وحتى بعض الصحف، فإن المناهج الدراسية في مدارس الوكالة "تُعلن الحرب على اليهود"، وبأن "الأونروا توظف عناصر من حركتيْ حماس والجهاد الإسلامي"... وجّه أحد تلك المراكز رسالة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة باسم الرئيس ترامب في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وبتوجيهات من وزارة خارجية دولة الإحتلال، أي مباشرة بعد يوم واحد من إعلان الفوز، فيها توجيهات وبرنامج عمل لترامب لوقف الدعم المالي لـ"الأونروا"؛ لأنها "تحرض على الإرهاب"، وآخرها دعوة تلك المراكز إلى إنهاء عقد الفنان الفلسطيني محمد عساف لأن الأخير بأغانيه يحرض على الإرهاب ..!
بتاريخ 6/4/2017: الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش يصدر تقريراً يشيد فيه بعمل الوكالة ويدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى جعل تمويل "الأونروا" كافياً ومستداماً وقابلاً للتنبؤ، وقد رحَّبت الوكالة بالتقرير ووصفته بـ "التاريخي" وهو كذلك، إذ لم يحدث هذا منذ تأسيس "الأونروا".
بتاريخ 31/5/2017: يتسلم مندوب دولة الإحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون مهامه كنائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنة ومن صلاحياته التحكم بتحديد جدول أعمال الجمعية العامة، ومارس هذه الصلاحية في 4/8/2017 عندما شطب بند زيادة موازنة الوكالة من جدول أعمال الجمعية العامة، وكان مناقشة البند مرشحاً لأن يحظى بموافقة غالبية الدول الأعضاء.
بتاريخ 11/6/2017: أثناء وجودها في القدس المحتلة، طلب نتنياهو من سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، العمل على تفكيك وكالة "الأونروا" ونقل خدماتها للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR).
بتاريخ 8/9/2017: نقلت صحيفة معاريف العبرية من أن مسؤولاً من وزارة الخارجية "الإسرائيلية" قد قام قبل أسابيع بزيارة الولايات المتحدة وعرض حلولاً لتغيير تفويض "الأونروا"، وأن وفداً "إسرائيلياً" سيتوجه في 9/9/2017 إلى أمريكا يرأسه نائبة وزير الخارجية تسيبي خوتوفيل وستلتقي هناك مع السناتور الأمريكي تيد كروز المسؤول عن هذا الملف".
مع بدايات العام 2018: بدأت وتيرة استهداف الوكالة تتسارع أكثر فأكثر، بدأتها سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي في 2/1/2018 وفي عملية مقايضة وابتزاز سياسي بأن إدارتها "ستوقف الدعم المالي الذي تقدمه لوكالة "الأونروا" إذا لم تعد السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي".
بتاريخ 5/1/2018: صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تتحدّث عن انقسام داخل إدارة الرئيس ترامب بشأن وقف تمويل واشنطن لوكالة "الأونروا".
بتاريخ 8/1/2018: نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية تصريحات لنتنياهو بأن وكالة "الأونروا" "منظمة تتسبّب بإدامة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإدامة حق العودة الذي يهدف إلى إزالة إسرائيل، ولهذه الأسباب يجب إغلاقها"، وأن "على الإدارة الأمريكية القيام بتقليص متدرج لدعم "الأونروا" عبر تحويل الأموال إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين"، وأن نتنياهو "يوافق على الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس ترامب إلى الأونروا"، وأن "الأونروا" المنظمة المنفصلة قد أُنشئت قبل 70 عاماً فقط للاجئين الفلسطينيين في حين أن المفوضية العليا قائمة لجميع اللاجئين الآخرين في العالم، الأمر الذي أدى إلى وضع يتلقى فيه أحفاد اللاجئين الفلسطينيين غير اللاجئين دعم الأونروا، وخلال 70 عاماً إضافية سيكون هناك أحفاد لهؤلاء الأحفاد ولذا يجب إنهاء هذا الوضع". تعتبر تصريحات نتنياهو كما تحدثت وسائل الإعلام بأنها "أول تعليق علني لرئيس الحكومة على إمكان وقف التمويل الأميركي للأونروا".
بتاريخ 13/1/2018: عُقد لقاء مركزي لـ "الأونروا" في عمّان شارك فيه المفوض العام لـ "الأونروا" بيير كرينبول ومدراء عمليات المناطق الخمسة وخلاصته ان الوضع المالي للأونروا من العجز في ظل وقف المساهمة الأمريكية، ويجري البحث عن بدائل.
بتاريخ 14/1/2018: تصريح لمسؤولين في البيت الابيض بأن الإدارة الأميركية تعتزم تخفيض المبلغ المتوجب سداده كدفعة أولى لـ "الأونروا" من 125 مليون دولار إلى 60 مليون دولار.
بتاريخ 22/1/2018: أعلن المفوض العام للأونروا بيير كرينبول من قطاع غزة عن إطلاق حملة لجمع التبرعات للوكالة بعنوان "الكرامة لا تقدر بثمن"، وأن الوكالة تحتاج إلى 446 مليون دولار لميزانية العام 2018. استطاع المفوض العام ومعه المخلصين من فريق عمله خلال السبعة أشهر الأولى من العام 2018 ومن خلال الحملة ومساهمات من الدول المانحة جمع ما يقارب من 230 مليون دولار فقط من أصل المبلغ.
بدايات العام 2018: نشطت دبلوماسية الإحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية بالضغط على دول مانحة لمحاولة إقناع تلك الدول بأن وكالة "الأونروا" قد أصبحت عبئاً على عملية السلام وبأنها تدعم الاٍرهاب، وبالتالي
أصبحت العقبة الكأداء ويجب التخلص منها. يقود هذه الحملة المستمرة نائبة وزيرة خارجية الإحتلال الإسرائيلي تسيبي حوتوبيلي بعد زيارتها على رأس وفد من وزارة خارجية الإحتلال للعاصمة الأمريكية واشنطن ولقائها بالسيناتور الأمريكي تيد كروز، إثر اللقاء التقت بسفراء الكيان المحتل في دول الإتحاد الأوروبي وفي أمريكا ومناطق "الشرق الأوسط" وأطلعتهم بأن دبلوماسية الاحتلال للعام 2018 ترتكز على مسألتين؛ الأولى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والثانية بأن عهد "الأونروا" قد انتهى إلى الأبد.
استطاعت دبلوماسية الاحتلال أن تؤثر على دول مانحة في مؤتمر روما لسد العجز المالي للوكالة الذي انعقد في 15/3/2018 وحضره مندوبون من حوالي 90 دولة حول العالم، وتم جمع 100 مليون دولار فقط من أصل 446 مليون دولار، و من الضغط على دول مانحة حضر المؤتمر شخصياً نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد.
بعد مؤتمر روما عادت ونشطت دبلوماسية نتنياهو ترامب لتؤثر على موقف وزير خارجية سويسرا الذي اعتبر في 17/5/2018 - متبنياً موقف ترامب نتنياهو - بأن "الأونروا" عقبة أمام مشروع التسوية وبأن وجودها يُغني الصراع في المنطقة، وكذلك أثرت تلك الدبلوماسية على موقف منسق عملية السلام في "الشرق الأوسط" ميلادينوف حين تحدث باسم "الأونروا" بتاريخ 19/6/2018 بأن الوكالة "في حال لم يتم توفير العجز المالي فقد توقف رواتب بعض الموظفين لشهر تموز/يوليو 2018 وستتخذ إجراءات صعبة خلال الأسابيع القليلة القادمة".
لعبت الإدارة الأمريكية دوراً كبيراً في لقاء اللجنة الاستشارية للأونروا والذي عقد في عمّان يومي 18 و 19/6/2018 بالضغط على دول مانحة أخرى، إذ أن أمريكا هي إحدى الدول الأعضاء في اللجنة الاستشارية للوكالة.
بتاريخ 22/6/2018: زيارة وفد أمريكي ضم كل من صهر ومستشار الرئيس كوشنير ومبعوث ترامب للسلام في "الشرق الأوسط" جيسون جرينبلانت إلى المنطقة التقى فيها بمسؤولين في الكيان الإسرائيلي والأردن ومصر والسعودية والإمارات تم فيها طرح تقديم المساعدات مباشرة للدول المضيفة للاجئين بعيداً عن "الأونروا" إلى جانب ترتيب صفقة مالية لقطاع غزة بقيمة مليار دولار لإقامة مشاريع وأيضا بمعزل عن "الأونروا" وتحت ما يسمى حل الأزمة الإنسانية.
بتاريخ 25/6/2018: عُقد مؤتمر للمانحين في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك بهدف سد العجز المالي للوكالة، لم يجمع المؤتمر إلا حوالي 50 مليون دولار من أصل 250 مليون قيمة العجز المالي، على الرغم من تعهد 20 دولة بدفع مبالغ وصلت قيمتها الى حوالي 375 مليون دولار.
بتاريخ 2/7/2018: وجّه 7 مندوبون أمريكيون سابقون في الأمم المتحدة رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي بومبيو يطالبونه بالتراجع عن قرار عدم المساهمة في صندوق "الأونروا" لكنها قوبلت بالرفض من قبل الإدارة الأمريكية على لسان الناطقة باسم البيت الأبيض هيذر ناورت في 3/7/2018. رسالة المندوبين السبعة جاءت بعد رسالة وجهها رئيس مجلس الحكماء الدوليين كوفي عنان في حزيران/يونيو 2018 يطالب فيها الإدارة الأمريكية بالتراجع عن قرارها بخفض تمويل "الأونروا".
بتاريخ 12/7/2018: عقدت "الأونروا" في مدينة القدس المحتلة لقاءً هاماً لبحث مستقبل الأزمة المالية بعد مؤتمر نيويورك واتخذت قراراً باستمرار اللقاءات وتكثيفها على المستوى الداخلي للوكالة، وعقد لقاءات مع المانحين والشركاء وبأن رئاسة "الأونروا" مرتاحة في الوقت الحالي بعدما نجحت في خفض العجز المالي في موازنتها العامة
من 446 مليون دولار، إلى 217 مليون دولار، وبالنسبة لـ "الأونروا" ومسؤوليها الدوليين ومدراء العمليات، فإن النجاح في خفض العجز المالي يعني "فشل" المخطط الأمريكي الذي كان يهدف إلى "تصفية" "الأونروا" وانهيارها بشكل كامل (حسب تصريحات خاصة من الوكالة لصحيفة القدس العربي في 12/7/2018).
بتاريخ 29/7/2018: تم الإعلان عن مشروع أمريكي بمحاولة حصر عدد اللاجئين الفلسطينيين بـ 40 ألفاً فقط، وهم من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من فلسطين إبان النكبة في العام 1948. وحتماً يندرج هذا التوجه في سياق الخطة الأمريكية - الإسرائيلية، لاستهداف قضية حق العودة للاجئين وتوطينهم.
بتاريخ 3/8/2018: كشفت صحيفة فورن بوليسي الأمريكية عن رسالة بالبريد الإلكرتوني موجهة من صهر ومستشار الرئيس الأمريكي كوشنير بتاريخ 11/1/2018 إلى عدد من الرسميين في الكونغرس الأمريكي بمن فيهم مبعوث ترامب للسلام في "الشرق الأوسط" جيسون جرينبلانت يتحدث فيها كوشنير عن "الأونروا":
- "من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا".
- "الوكالة تديم الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعالة ولا تساعد على السلام".
24. ومن أن مبادرة كوشنير تأتي "في إطار حملة أوسع نطاقا من جانب إدارة ترامب وحلفائها في الكونغرس لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة وإخراج قضيتهم من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وفقا لمسؤولين أمريكيين وفلسطينيين". ما جاء في الصحيفة ليس بالمستغرب أو بالمفاجئ لكن الخطير إشارة الصحيفة عن دور لـ "مسؤولين" فلسطينيين مع مسؤولين أمريكيين لإنجاح "الحملة واسعة النطاق".
خطة أمريكية إسرائيلية لتفكيك "الأونروا":
مطلع شهر أيلول / سبتمبر 2018 جري تناقل معلومات عن خطة أمريكية إسرائيلية لتفكيك "الأونروا". تستند الخطة - كما يشير المصدر - بشكل أساسي على تجفيف منابع الدعم المالي للوكالة بهدف الضغط عليها من أجل اتخاذ المزيد من قرارات التقليص في الخدمات وإنهاء عقود وفصل الغالبية العظمى من الموظفين، وأن الخطة قد وضعت قيد التنفيذ حتى منتصف العام 2020 مع انتقال ما نسبته 30% من خدمات الوكالة إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وبقاء 400 موظف مهمتهم العمل على نقل أملاك الوكالة للسلطة الوطنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة وللدول المضيفة في الأردن ولبنان وسوريا.
تم تقسيم تنفيذ الخطة إلى مراحل بدأت مع تسريح 100 موظف من موظفي الوكالة في الأردن بتاريخ 15/1/2018 تحت شعار "ضبط النفقات"، تليها المرحلة الثانية بإنهاء خدمات ألف موظف في الضفة وغزة، وقد بدأت عملياً مع وقف خدمات موظفين على برنامج الطوارئ بتاريخ 25/7/2018 ونقل آخرين إلى الدوام الجزئي كمقدمة لإنهاء خدماتهم، وستليها المرحلة الثالثة بذريعة عدم توفر المبالغ المطلوبة بإنهاء خدمات خمسة آلاف موظف، فالمرحلة الرابعة التي ستكون عند منتصف 2019 بالوصول لإنهاء خدمات 17 ألف موظف من أصل 30 ألف موظف يعملون بالوكالة في الوقت الحالي. وفي نهاية العام 2019 وهي المرحلة الخامسة، الإبقاء على 400 موظف الذين سبق ذكرهم والمهام الموكلة إليهم وصولاً إلى منتصف العام 2020.
نأمل أن يوفر التقرير خلفية لبعض الآليات والسيناريوهات المحتملة وتقدير المواقف لكيفية التعاطي مع الإدارة الامريكية "الجديدة" مع المستقبل الاستراتيجي لوكالة الاونروا.
منذ 4 أيام