مهنة الطب من أنبل المهن على الإطلاق، فهى فى جوهرها مهنة تعنى بتخفيف متاعب البشر من الأمراض العضوية والنفسية، كما أن الطبيب يدخل عمله فى الإحسان وتفريج الكرب مع الصبر والبذل، ويقول الله سبحانه وتعالى (والله يحب المحسنين)، وجاء على لسان الإمام الشافعى يرحمه الله (لا تسكنن بلدًا لا يكون فيه عالم يفتيك عن دينك ولا طبيب ينبئك عن أمر بدنك).. وللأسف الشديد كنت قد تحدثت أكثر من مرة- وتحدث غيرى كثيرون- عن متاعب الأطباء، فلم يتحرك أحد، ولذلك زادت وتيرة هجرة الأطباء إلى كل دول العالم.. وتقول الإحصاءات إن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء- باستثناء من بلغوا سن المعاش- يبلغ حوالى ٢١٢ ألفًا و٨٣٥ طبيبًا، يعمل منهم حاليًا فى جميع قطاعات الصحة- سواء بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية الحكومية أو القطاع الخاص- حوالى ٨٢ ألف طبيب، أى بنسبة ٣٨٪ من عدد الأطباء المسجلين!!، وقد أظهرت بيانات نقابة الأطباء أن نحو ١١ ألفًا و٥٣٦ طبيبًا استقالوا من العمل الحكومى خلال ٣ سنوات فقط، من ٢٠١٩ وحتى مارس ٢٠٢٢، وأصبح معدل الأطباء فى مصر ٨.٦ طبيب لكل عشرة آلاف مواطن، فى حين يبلغ المعدل العالمى ٢٣ طبيبًا لكل عشرة آلاف مواطن، وهو ما أعتبره خطرًا على الأمن القومى.
وإذا راجعنا الأسباب الحقيقية وراء ذلك التدهور نجد الآتى:
١- بيئة العمل لهذا الطبيب، حيث كثرت حالات الاعتداء على الأطقم الطبية، والتى تتم بشكل شبه يومى على مستوى الجمهورية، وللأسف تقتصر عقوبة الإهانة بالإشارة أو باللفظ أو التهديد على الحبس مدة لا تزيد على ٦ أشهر أو دفع غرامة لا تتجاوز ٢٠٠ جنيه!، وتقتصر عقوبة الاعتداء على الطبيب على الحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو دفع غرامة ٢٠٠ جنيه أيضًا!!.
٢- صعوبة العمل، ويقول عنها د إبراهيم الزيات، عضو مجلس النقابة، إن النقابة وثقت ١٤٩ حالة وفاة بسبب إجهاد العمل فى عام ٢٠٢٢، ولا ننسى أن ما يزيد عن ٢٤٠ طبيبًا قد فقدوا حياتهم أثناء تقديم علاجهم لمرضى فيروس كورونا.
٣- راتب الطبيب.. متوسط راتب الطبيب المقيم فى مصر (وهو دائمًا من المتميزين دراسيًا) يبلغ ٣٧٠٠ جنيه، ويصل متوسط المعاش بعد نحو ٣٥ عامًا فى العمل الحكومى إلى ٢٣٠٠ جنيه!، (يصل راتب الطبيب فى نظام التأمين الصحى الشامل إلى ١٧ ألف جنيه شهريًا!!، وهى تفرقة غير مبررة وتتناقض مع مبدأ المساواة مع أطباء آخرين يعملون مع نظام التأمين الصحى الحالى، ولابد من إيجاد حل سريع لهذا الوضع الغريب)، وبصفة عامة فإن راتب الطبيب المصرى هو أقل راتب للأطباء فى كل أنحاء العالم للأسف الشديد.
٤- التعليم الطبى.. هناك خلل كبير فى التعليم الطبى لا يمكن السكوت عنه، وفى مقدمته التعليم الطبقى، فطالب الثانوية المصرى الذى حصل على ٩٥ ٪ يدفع حوالى ٢٥٠٠ جنيه للالتحاق بطب القاهرة، فى حين يدفع الطالب المصرى الميسور الحال ١٥٠ ألف جنيه سنويًا للالتحاق بالتعليم المتطور!!،.....
لقراءة المقال بالكامل يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" ادناه.
منذ 6 ساعات