تحية كاريوكا تفتح النار على زميلات الستينيات: الرقص أصبح مجرد إثارة.. والراقصات «أرجوزات»

تكاد تكون تحية كاريوكا (19 فبراير 1915- 30 سبتمبر 1999)، أبرز من احترف الرقص في تاريخ الفن المصري، لذا كانوا يلقبونها فى حياتها بـ«أستاذة الرقص الشرقى». وفى عام 1963 أجرت معها الكاتبة الصحفية الراحلة إيريس نظمي، حوارًا، على صفحات «آخرساعة» لتقييم الراقصات المبتدئات وقتذاك، فقالت الأستاذة رأيها بكل صراحة، واعتبرت أن الرقص أصبح تهريجًا وإثارة بلا معنى، وفيما يلى نص الحوار بتصرف محدود:

الأستاذة تحية كاريوكا تتكلم عن الرقص الشرقي.. إنها تعلن رأيها بصراحة كاملة فى راقصات القاهرة، والوحيدة التى تعجبها سامية جمال، ولكنها لم تعرف ناهد صبرى ورفضت أن تقول رأيها فى نجوى فؤاد.. إن أستاذة الرقص ثائرة على الراقصات الجديدات ولديها فى ذلك أسباب.

تحية كاريوكا لا يعجبها الرقص الشرقى هذه الأيام وتقول: لم يعد فى حياتنا الفنية شيء اسمه «رقص شرقي»، وكل ما تقدمه الراقصات مجرد إثارة وتهريج!

وقد وضعت «آخرساعة» أمامها مجموعة من صور راقصاتنا وطلبت منها أن تقول رأيها فى كل واحدة بصراحة، ووضعت تحية نظارتها الطبية فوق عينيها وبدأت تتفحص كل صورة وتقول رأيها.

تعجبني سامية

نظرت تحية إلى صور بعض الراقصات المبتدئات ثم سألت عن أسمائهن، وقالت وهى تنظر لصورة سامية جمال: «إنها تعجبني.. تعجبنى جدًا»، لكنها رفضت أن تقول رأيها فى رقص نجوى فؤاد.

وقالت وهى تنظر إلى إحدى الراقصات: «صورة مين دي؟»، فقلت لها: «راقصة اسمها ناهد صبري».

وقالت تحية: «أذكر أنها جاءتنى ذات يوم وطلبت منى أن أعلمها كيف تستخدم الصاجات واعتذرت لها لعدم وجود وقت فراغ عندي».

حركات هيستيرية

ونظرت كاريوكا إلى صورة الراقصة بديعة مصابنى وقبلتها وهى تقول: «طول عمرها (أستاذة) حتى بعد اعتزالها الرقص»، وتابعت: «ما عاد هناك رقص شرقى بالمعنى المفهوم، كلها حركات هيستيرية لولبية لهز البطن وإثارة الجمهور فقط، وهذا ليس فنًا على الإطلاق».

وتحية كاريوكا اعتزلت الرقص، وقرّرت عدم العودة إليه إلا إذا كان دورها فى الفيلم أو المسرحية التى تظهر فيها يقتضى منها الرقص. وأستاذة الرقص الذى اعتزلته اتجهت إلى المسرح وقررت الاستمرار فيه بعد نجاح فرقتها المسرحية التى تحمل اسمها وقد وضعت لفرقتها برنامجًا طويل المدى تستعين فيه باثنين من كبار المخرجين لإخراج مسرحياتها، هما فتوح نشاطى ونبيل الألفي، غير المسرحيات التى سيخرجها زوجها فايز حلاوة.

وقالت تحية إنها ستقدم بعد «شقيقة القبطية»، قصة «شباب امرأة» بعد تحويلها إلى مسرحية، وكانت قد لعبت دور البطولة فيها أمام شكرى سرحان فى فيلم يحمل نفس هذا الاسم، وأخرجه صلاح أبوسيف.

اقرأ أيضًا | حدوتة نص الليل | تحية كاريوكا والشيخ الشعراوي.. دروس في التوبة والعطاء

تلميذة الريحاني

والعلاقة بين المسرح وتحية كاريوكا قديمة، بدأت قبل أن تصبح راقصة، فعندما هربت من أسرتها فى الإسماعيلية ولجأت إلى القاهرة لتحترف الرقص كانت سنها أصغر من أن ترقص أمام الجماهير، فتحولت إلى ممثلة فى فرقة سعاد محاسن بالإسكندرية، وبعدها بدأت تشق طريقها كراقصة.

وقالت تحية وهى تروى قصتها مع المسرح، إن نجيب الريحاني اكتشف موهبتها كممثلة للمسرح بعد أن اشتركت معه فى بطولة فيلم «لعبة الست»، واتفق معها على الاشتراك معه فى فرقته، لكنها سافرت إلى أمريكا وعادت بعد عامين وفسخت عقدها الذى كان ينص على عملها لمدة خمسة أعوام، وفى نفس اليوم الذى عادت فيه إلى القاهرة اتصل بها الريحانى ليذكرها باتفاقهما السابق للعمل معه فى فرقته المسرحية.

وقال لها نجيب: «كنت أتوّقع عودتك إلى القاهرة فى خلال هذه الأيام، وقد أعددنا مسرحية جديدة اسمها (أحب حماتي) وستلعبين بطولتها أمامي».

وفى اليوم التالى بدأت البروفات وتمرنت تحية على دورها، لكن الريحانى مات قبل موعد عرض المسرحية، وبقى الأمل فى قلب تحية وظل حنينها إلى المسرح يتزايد يوما بعد يوم حتى كوّنت فرقتها المسرحية التى تحمل اسمها.

تركت الرقص للمسرح

سألتها: لماذا قررت اعتزال الرقص؟

فقالت: «لأتفرغ للمسرح فقط.. لقد اعتزلت الرقص الذى كنت أظهر فيه أمام الجماهير فلا يجرؤ أحد على مقاطعتى أو حتى يهمس لزميله بالحديث طوال الفترة التى كنت أرقص فيها، أما الآن فالجمهور يقذقذ اللب ويأكل ويشرب ويصيح ويلقى النكات والراقصة تهز وسطها أمامه كالأراجوز».

وتحية كاريوكا تجمع فى شخصيتها مجموعة من المتناقضات، فهى رقيقة ولكنها عصبية عندما تثور، وهوايتها القراءة، حيث تثقف نفسها بنفسها، ومكتبتها مليئة بكتب السياسة والأدب والفن والتاريخ.. وسألتها عن الكتاب الذى تقرأه هذه الأيام، فقالت: «أنا الآن أقاطع كل الكتب وأتفرغ تمامًا لقراءة المسرحيات الجديدة التى أنوى تقديمها».

صديقة سانت تريزا

وبين تحية كاريوكا وسانت تريزا صداقة قديمة تتجدد دائما.. وتحية تضع صورتها فى صدرها وتضيء لها الشموع فى كل مناسبة.

وقالت تحية وهى تذيع سر هذه الصداقة إنها عندما كانت طفلة صغيرة أصيبت عيناها بمرض حار الأطباء فى علاجه، وعندما يئست أمها من علاجها أشار عليها بعض أصدقائها بإضاءة الشموع لسانت تريزا. وتقول تحية: «العجيب أن عينى شفيت تمامًا فى اليوم التالي، ومن وقتها والصداقة بينى وبين سانت تريزا تزداد يومًا بعد يوم».

ممثلة مسرحية

قلت لأستاذة الرقص التى تحولت إلى ممثلة مسرحية:

وما هى علاقتك الآن بالسينما؟

فقالت: مجرد ممثلة تؤدى الأدوار التى يسندها إليها المخرجون.

ولماذا لا تظهرين في التلفزيون؟

قدمت من قبل أحد البرامج ثم أوقف تقديمه.

لماذا لا تبحثين عن فكرة أخرى؟

لديّ أفكار كثيرة، لكننى لا أريد أن أعرضها بنفسى على المختصين وأنتظر أن يسألونى عنها.

لماذا؟

حتى لا يسمع أحدهم الفكرة منى وينفذها باسمه.

مذكرات كاريوكا

وأخيرًا سألت تحية: هل تفكرين فى كتابة مذكراتك؟

لقد كتبت بالفعل جزءا كبيرا منها وأنتهز أوقات فراغى لأواصل كتابة أجزاء منها.

(«آخرساعة» 27 فبراير 1963)


المزيد من بوابة أخبار اليوم

منذ 3 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 6 ساعات