قبل أن يصبح حسن نصر الله الوجه الأبرز لحزب الله منذ عام 1992، شغل منصب الأمين العام للحزب شخصيتان مهمتان ساهمتا في بناء الهيكل التنظيمي للحزب منذ نشأته. الشخصيتان هما صبحي الطفيلي وعباس الموسوي، اللذان كان لهما أدوار محورية في تأسيس وتوجيه الحزب في مراحله الأولى.

صبحي الطفيلي: أول أمين عام لحزب الله ولد صبحي الطفيلي في منطقة البقاع اللبناني، وكان واحداً من الشخصيات الإسلامية المؤثرة في لبنان قبل تأسيس حزب الله. في عام 1982، ومع بداية اجتياح الاحتلال الإسرائيلي للبنان، أصبح الطفيلي أحد الأعضاء المؤسسين للحزب، وكان له دور رئيسي في إرساء القواعد الأيديولوجية والعسكرية للحزب، بدعم من إيران. تولى منصب الأمين العام لحزب الله منذ تأسيسه حتى عام 1991.

رغم دوره الكبير في بداية الحزب، خرج الطفيلي عن خط الحزب لاحقاً بسبب خلافات أيديولوجية واستراتيجية، لا سيما حول دور الحزب في الداخل اللبناني. انتقد الطفيلي انخراط الحزب في السياسة اللبنانية واتهمه بالتبعية لإيران، مما أدى إلى قطيعة بينه وبين قيادة الحزب الحالية.

عباس الموسوي: من القيادة إلى الاغتيال عباس الموسوي، الذي ولد في بلدة النبي شيث في البقاع، كان أحد القيادات الدينية البارزة في حزب الله. درس الموسوي العلوم الدينية في النجف بالعراق وتأثر بفكر الإمام الخميني. بعد عودته إلى لبنان، أصبح الموسوي شخصية محورية في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي. في عام 1991، خلف صبحي الطفيلي في منصب الأمين العام لحزب الله، وكان يتمتع بشعبية كبيرة داخل أوساط الحزب بسبب قدراته القيادية وخطابه المتوازن.

اغتيال عباس الموسوي في 16 شباط/فبراير 1992، اغتيل عباس الموسوي في هجوم جوي للاحتلال الإسرائيلي استهدف موكبه في جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتله إلى جانب زوجته وطفله. اغتياله شكل صدمة كبيرة داخل الحزب وأدى إلى تصعيد الصراع مع تل أبيب. كان الموسوي يعتبر زعيماً ذا توجهات أكثر مرونة، وقد ساعد في تعزيز مكانة الحزب على الساحة اللبنانية والدولية.

حسن نصر الله بعد اغتيال عباس الموسوي، تولى حسن نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله وهو في سن صغير نسبياً مقارنة بمن سبقوه. منذ ذلك الوقت، قاد نصر الله الحزب خلال عدة محطات مهمة، بما في ذلك الحروب مع الاحتلال، والانخراط في السياسة اللبنانية، والتحولات الإقليمية التي جعلت حزب الله لاعباً رئيسياً في المنطقة.

واغتال الاحتلال الإسرائيلي نصر الله بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة الموافق للسابع والعشرين من أيلول/سبتمبر، قبل أن يعلن حزب الله رسميا استشهاده.

إرث الطفيلي والموسوي رغم أن صبحي الطفيلي وعباس الموسوي قدما رؤى مختلفة حول مسار حزب الله، إلا أن كلاهما ساهم بشكل كبير في تكوين الحزب كقوة رئيسية في السياسة والمقاومة. الطفيلي، الذي بات منتقداً للحزب، يبقى رمزاً للمرحلة التأسيسية، بينما الموسوي يمثل النموذج القيادي الذي وحد الحزب في مواجهة العدو الإسرائيلي ورسخ دوره في الساحة اللبنانية.