منذ أسبوع
أسوأ وأفضل نمط إداري

من يفتح أي كتاب إدارة سيجد أن أول عبارة في معرض الحديث عن أنواع أنماط الإدارة هي أن نمط الإدارة الديمقراطية هو أفضل الأنماط الإدارية التي تحقق أفضل النتائج وترفع الإنتاجية والربحية ومؤشر رضى العاملين وبالتالي تحسن أداءهم، وحسب دراسة جامعة لـ43 دراسة وجدت أن المشاركة الديمقراطية / الشورية تؤدي لإنتاجية وأداء افضل Worker Participation and Productivity in Labor-Managed and Participatory Capitalist Firms: A Meta-Analysis، فلماذا ما زال نمط الإدارة الديمقراطية غير سائد في المؤسسات العامة والخاصة؟ وبدلا عنه يسود غالبا أسوأ أنواع الأنماط الإدارية وهو النمط المشخصن الفردي الديكتاتوري «أوتوقراطي» وبخاصة بالنسبة للذكور، فحسب دراسة للفترة 2001 - 2004 لأهم 500 شركة في أمريكا، وجدت أن الشركات التي لديها أعلى نسبة من النساء بمناصب الإدارة العليا كانت أفضل ربحية من التي لديها نسبة أقل من النساء بمجلس الإدارة، والسبب هو أن النساء يملن لنمط الإدارة الديمقراطية، وهذا سبب تصاعد تعيين النساء في المراكز الإدارية بدل الرجال.

لكن لو كانت للمنشآت ثقافة ديمقراطية راسخة لكانت طبعت حتى الرجال بطابع الإدارة الديمقراطية، لكن يبدو أن هذا يتطلب انتشار ثقافة الإدارة الديمقراطية في المجتمع وتعويد وتدريب الإنسان عليها منذ صغره عبر النشاطات المدرسية والجامعية، حتى تصبح جزءا من تركيبته العقلية والنفسية والسلوكية.

نمط الإدارة الديكتاتورية يؤدي دائما لجعل بيئة العمل طاردة وسامة، ولذا يخفض من الإنتاجية والربحية وجودة أداء الموظفين ويؤثر سلبا حتى على جودة حياتهم الشخصية بسبب ما يتعرضون له من سوء معاملة من قبل المدير الديكتاتور؛ فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما تقول الحكمة، ولذا لا يوجد مدير ديكتاتوري معاملته حسنة للعاملين معه، فنمط الإدارة الديكتاتورية يفسد أخلاقه ويجعله يسيء معاملة العاملين معه وهذا هو السبب الأساسي للتسرب الوظيفي.

بينما سبب أن الإدارة الديمقراطية هي الأفضل في رفع الأداء والإنتاجية والربحية ومؤشر الرضى الشخصي للعاملين هو أن المدير يعامل العاملين معه معاملة الشركاء وليس الأتباع، ويشركهم في اتخاذ القرار ويراعي اعتباراتهم، ولديه قناة معلومات مرتجعة مفتوحة معهم تجعله يقيم أداءه بشكل موضوعي من منظور من يتأثر بقراراته، ويفوض إليهم السلطات والصلاحيات اللازمة ليقوموا بالمشاركة في صنع القرار ولا يستأثر ويتفرد بالقرارات والصلاحيات.

لا يوجد إنسان مهما بلغ علمه ومواهبه قادر على أن يحيط علما بكل مجالات ومستويات الأداء، ولذا لأجل أداء افضل لا بد أن يشرك المدير العاملين معه في صنع القرار ولا يستأثر بالصلاحيات والسلطات، كما أن نمط الإدارة الفردي الديكتاتوري يجعل صاحبه ينقض كل التراث الإيجابي الذي كان لسابقيه من باب إرادة التفرد بنسبة الفضل في الإنجاز لنفسه فقط، وهذا فيه إهدار للموارد ويحبط العاملين الذين استثمروا الكثير من الوقت والجهد في تكريس وإنجاح المنظومات السابقة، فالمتحكم في قرار الإدارة الديكتاتورية هو أهواء غرور الأنا / الإيجو لدى المدير بدل الاعتبارات الموضوعية.


المزيد من صحيفة مكة

منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 7 ساعات