منذ أسبوع
مقال حسين باصي : الإنسان المشحون

قبل يومين كنت أقلب قنوات التلفاز بين الأخبار الاقتصادية والمسلسلات والأفلام. كانت لحظة ممتعة، حيث إني وصلت لمرحلة لا أستمتع فيها بمشاهدة التلفاز كما كان في السابق.

لعل ذلك بسبب كثرة البرامج والمسلسلات أو بسبب رغبتي الأشد في الاسترخاء.

وبين ضفاف تلك البحار من القنوات رسيت على شاطئ فيلم المصفوفة (The Matrix).

أذكر أنني عندما شاهدت هذا الفيلم لأول مرة انبهرت بالتصوير والإثارة أكثر من القصة.

في الحقيقة لم أفهم القصة جيدا حينها إلى أن شرحها لي أحد الأصدقاء، وهي أن الآلات استخدمت البشر كبطاريات تستمد الطاقة منهم بعد أن استحوذوا على الأرض.

رغم أنه فيلم خيال علمي إلا أن الفكرة عميقة وهي أن خلقة الله سبحانه وتعالى لنا في حفظ الطاقة عظيمة لعدة أسباب خصوصا لو قارنا الوضع بالسيارات الكهربائية.

لذلك، فإن التوجهات نحو التطوير تكمن في مجموعة نقاط مهمة مثل التركيز على زيادة كثافة الطاقة.

تقاس كثافة الطاقة بوحدة وات في الساعة بالكيلوغرام (Wh/kg) وهي تمثل كمية الطاقة التي يمكن تخزينها في كل كيلوغرام من البطارية.

كلما زادت كثافة الطاقة، زادت المسافة التي يمكن أن تقطعها السيارة الكهربائية أو زاد الوقت الذي يمكن أن يعمل فيه الجهاز الالكتروني بشحنة واحدة.

ومن المتوقع أن تحقق تقنيات جديدة مثل بطاريات الحالة الصلبة (Solid-state batteries) قفزات كبيرة في كثافة الطاقة.

تستخدم بطاريات الحالة الصلبة الكتروليت صلبا بدلا من الالكتروليت السائل التقليدي، مما يسمح لها بتخزين المزيد من الطاقة في نفس الحجم.

كما أن وقت الشحن البطيء يعد عقبة رئيسة أمام اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع.

ومع ذلك، فإن التطورات في تقنية الشحن السريع ستغير قواعد اللعبة.

إن تقنيات الشحن السريع الجديدة تمكن من شحن البطارية بنسبة تصل إلى 80% في غضون 20 إلى 30 دقيقة فقط.

وهذا يقلل بشكل كبير من قلق السائقين بشأن مدى قيادة سياراتهم الكهربائية ويجعلها أكثر عملية للاستخدام اليومي.

مع تزايد المخاوف بشأن البصمة البيئية للبطاريات، يتجه العلماء والمهندسون نحو تطوير مواد أكثر استدامة للبطاريات.

على سبيل المثال، يتم استكشاف استخدام مواد مثل الليثيوم المعدني بدلا من الكوبالت في بعض أنواع البطاريات، حيث يعتبر الكوبالت معدنا نادرا له آثار بيئية واجتماعية ضارة بسبب أساليب الاستخراج.

بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء بحوث حول إعادة تدوير البطاريات المستعملة بكفاءة أكبر لاستخراج المعادن القيمة وإعادة استخدامها في بطاريات جديدة.

لا ننسى تدخل الذكاء الاصطناعي (AI) وتعلم الآلة (ML) في اللعب ودوره المهم في إدارة البطاريات خلال السنوات الخمس المقبلة.

يمكن لهذه التقنيات المتقدمة تحسين عمر البطارية وصيانتها عن طريق مراقبة أداء البطارية في الوقت الفعلي واكتشاف أي مشاكل محتملة بشكل استباقي.

تخيل أن نطور الذكاء الاصطناعي ليصل إلى مرحلة أن يغزونا ويجعلنا بطاريات (فيلم المصفوفة).

لا تقلق إنه مجرد فيلم ولكن يشهد مجال تصميم وتغليف البطاريات أيضا ابتكارات جديدة.

على سبيل المثال، يتم تطوير بطاريات ذات أشكال وأحجام مختلفة لتناسب أفضل مختلف التطبيقات، بدءا من الهواتف الذكية الصغيرة وصولا إلى السيارات الكهربائية الكبيرة. بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء بحوث حول تطوير مواد تغليف جديدة أكثر متانة لتحسين سلامة البطاريات وحمايتها من العوامل الخارجية مثل الصدمات والاهتزازات والحرائق.

من الواضح أن مجال تكنولوجيا البطاريات يشهد عصرا ذهبيا من الابتكار. مع التطورات في مجالات كثافة الطاقة وأوقات الشحن والمواد المستدامة والذكاء الاصطناعي والتصميم، يمكننا أن نتوقع رؤية بطاريات أكثر قوة وكفاءة وأمانا خلال السنوات الخمس المقبلة.

ستلعب هذه البطاريات المتطورة دورا رئيسا في دعم التحول نحو مستقبل أكثر استدامة. وفي النهاية لم أكمل الفيلم لفقدان شهيتي في مشاهدة التلفاز.


المزيد من صحيفة مكة

منذ 10 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ ساعتين
منذ 10 ساعات