منذ 56 أسبوع
مهن الصحابيات (3).. أمية بنت قيس الغفارية.. فتاة حصلت على وسام عسكري من الرسول

تبين من الاستشهادات القرآنية والسنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة وحثهم على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها، وحق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ"

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي، مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة

الحلقة الثالثة: "تابع منهة الطب المنشورة في الحقات السابقة"

امتهنت النساء في عهد النبي مهنة الطب فكان للعلوم الطبية مكافحة خاصة في الإسلام، حيث إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يحث الصحابة على البحث عن الشفاء بوسائل العلاج والتطبب المعروفة، مما شجع المسلمين على وضع علم الأبدان في مصاف واحد في أهميته مع علم الأديان، وهكذا اهتم المسلمون بصناعة الطب اهتمامًا كبيرًا فتسابقوا لدراسة الطب

ومنذ بداية الإسلام وحتى اليوم، نجد أن تاريخ الدولة الإسلامية حافل بأسماء أطباء عظام خدموا دولتهم والعالم أجمع وأسماؤهم ما زالت تتردد حتى اليوم في الأوساط الطبية

ولكن مثلما كان هناك عدد كبير من الأطباء المشهورين، كانت هناك أيضًا طبيبات مسلمات شاركن في مهنة الطب منذ بداية الإسلام وكن جزءًا من تطورها وتدرج أطوارها. غير أن هؤلاء الطبيبات لم ينصفهن التاريخ بل تجاهل دورهن ووجودهن لذلك رأينا لزامًا علينا أن نظهر دور هؤلاء الطبيبات ونوضح مدى مشاركتهن في الحياة الطبية في الدولة الإسلامية، ومن هؤلاء النساء:

أمية بنت قيس الغفارية

لم يدخل الإيمان قلب وعقل الكبار فقط، بل كان الأطفال والمراهقون على علم بالرسالة النورانية الأخيرة من الله، متسلحين بإيمان كبير وقلب خاشع وعقل لا يطلب سوى نيل رضا الله ومحبة رسوله، فكان هناك من الأطفال اللاتى استجبن للدعوة وبايعن نبى الإسلام

وبحسب كتاب "نساء حول الرسول: القدوة الحسنة والأسوة الطيبة" للدكتور محمد إبراهيم سليم،

هى فتاة من غفار، قبيلة أبى ذر الغفارى، وقيل: أمية بنت قيس أبي الصلت الغفارية هي صحابية جليلة أسلمت وبايعت الرسول بعد الهجرة، تسلل نور الإيمان إلى قلبها وهى لا تزال فى طور الحداثة، حيث قدمت على رسول الله تبايعه على بعد المسافة ولها أربعة عشر ربيعا، وراحت تتحين الفرصة المواتية لتخدم الدعوة

اتصفت أمية بالهمة والمبادرة فكانت تخوض أعمالا يتردد أمامها الرجال، فشجاعتها كانت أوسع من جميع المعوقات، سواء في المجال الطبي أو في مجال العلم كراوية للحديث والفقه في شرح العديد من المسائل

جهاد الفتاة مع الرسول

عندما حان موعد غزوة خيبر وهي لم تبلغ المحيض، لم يكن منها إلا أن بادرت بالطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لها ليس بالقدوم فقط إلى الغزوة، ولكن أن تترأس غرفة الطبيبات من قبيلتها تداوي الجرحى وتعين المسلمين فقبل النبي من الفتاة طلبها وشهدت مع رسول الله خيبر على رأس نسوة من قبيلتها تقوم بما تقوم البعثات الطبية في ميادين القتال وأحسنت أمية في دورها الطبي وأخذت تداوي المرضى وتضمد جراحاتهم

وذكر في "كتب الطبقات الكبرى" للكاتب "محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري"، أنها قالت: "جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا إنا نريد يا رسول الله أن نخرج معك إلى وجهك هذا تعني غزوة (خيبر) فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على بركة الله"، قالت فخرجنا معه وكنت جارية حديثا سني فأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيبة رحله فنزل إلى الصبح فأناخ وإذا أنا بالحقيبة عليها أثر دم مني وكانت أول حيضة حضتها فتقبضت إلى الناقة واستحييت فلما رأى رسول الله ما بي ورأى الدم قال لعلك نفست قلت: "نعم" قال: "فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء ثم اطرحي فيه ملحا ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي"؛ ففعلت فلما فتح الله لنا خيبر رضخ لنا من الفيء

مكافأة النبي لأمية

شاركت أمية في غزوة خيبر وهي فتاة صغيرة حيث أعطاها النبي مهاما كبيرا وثقة أكبر لما رأى من همتها وتطوعها بالمشاركة في الغزوات، وأردفها خلفه في مسيره ولم يحط من شأنها لكونها فتاة في الرابعة عشر من عمرها ولقد ضربت بكفاحها وجهادها وعملها وعلمها وفقهها وبلاغتها أبرز الأمثال على أن الإسلام ارتقى بالمرأة وميزها ووضعها في شتى المجالات جنبا إلى جنب مع الرجل

وعندما أحسنت أمية في دورها وترأست مجموعة من النسوة لتداوي جرحى المعارك وتعينهم تقديرا لها ولدورها كافأها النبي صلى الله عليه وسلم وقلدها قلادة تشبه الأوسمة العسكرية في زمننا هذا، وتقلدت أمية بهذه القلادة طوال حياتها وذكر أنها قالت "أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وعلقها بيده في عنقي فوالله لا تفارقني أبدا"، فكانت في عنقها حتى ماتت وأوصت أن تدفن معها وكانت لا تطهر إلا جعلت في طهرها ملحا وأوصت أن يجعل في غسلها ملح حين غُسلت، وذلك طبقا لما ورد في كتاب "نساء حول الرسول" للكاتب محمد إبراهيم محمد


المزيد من جريدة الشروق

منذ 7 ساعات
منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
منذ 10 ساعات