منذ 94 أسبوع
بوابة الوفد| الفيبروميالجيا.. المرض الشبح

الآلام تدب فى كل جزء من جسدى، لا أنام بالأيام، وإن نمت أشعر بأنى لم أنم، ذهبت لعدد كبير من الأطباء، وأجريت الكثير من التحاليل والأشعة المقطعية، وصوراً بالرنين المغناطيسى لعظامى وأطرافى وظهرى، صرفت أموالاً باهظة، لكن كل الفحوصات لم تظهر بها علة».  يدخل المريض فى حيرة لعدم معرفة طبيعة مرضه، فجميع الفحوصات تؤكد أنه بصحة جيدة، وفى الوقت ذاته هناك آلام فظيعة تنهش روحه، وعلى الجانب الآخر يتهمه أفراد أسرته بـ«الدلع» ولا يشعرون بمعاناته، ما يزيد من اكتئابه. 

إنه مرض «الفيبروميالجيا» أو مرض الألم العضلى الليفى، قد يسمع البعض هذا الاسم لأول مرة، رغم أنه من الممكن أن يكون هناك شخص مقرب منك، أو أنت نفسك تعانى هذا المرض دون أن تدرى، وذلك بسبب غياب الوعى بهذا المرض فى الوطن العربى، فهو من الأمراض المستحدثة التى تم اكتشافها مؤخراً، وأصيب الأطباء والمراكز البحثية العالمية بحيرة لعدم معرفة أسباب هذا المرض

 

تجارب ومعاناة مرضى

 

قالت هند إحدى المصابات بالفايبرو: «عانيت ١٠ سنين من تشخص خطأ بأنى مصابة بروماتويد سلبى والعلاج لم يأتِ بأى أثر، بل تدهورت حالتى، ومن سنة أصيبت بهجمة شديدة للفايبرو وتوجهت لأكثر من دكتور بتخصصات مختلفة.. وكالعادة تحاليل كثيرة، ولكن كلها سليمة، إلى أن قمت بعمل بحث على الإنترنت عن الأمراض التى تصيب العضلات، ووجدت مقالاً عن الفيبروميالجيا»

 

وتابعت قائلة: وأنا بقرأ الموضوع بكيت من الفرحة، وناديت زوجى، كأنى وجدت كنزاً، وأقول له أنا وجدت كل الأعراض، ألم الأعصاب والعضلات والضبابية وعدم التركيز.. إلخ، كأنى وجدت دليلاً على أننى عاقلة ولست مجنونة... وحسبى الله فى كل دكتور ذهبت له خلال 10 سنوات وضللنى

 

وتجربة أخرى تسردها أمنية ذات العشرين عاماً، تحكى أنها تتحمل المرض، ولكن لا تقدر على تحمل النسيان، وقالت: «ذاكرتى ضائعة وأنسى بشكل غير طبيعى، أنسى مواقف وقعت فى الصباح». وبقلق قالت: «أنا خائفة عندما أتقدم فى السن يتحول إلى زهايمر أو ذاكرتى تضيع نهائياً، أنا لا أريد أن أنسى حياتى أو أنسى أحبابى»

 

أما عن تجربة شيرين بدر التى تقدم دفعة من الأمل والتحدى لمرضى الفيبرومالجيا. قالت: إن أغلب جروبات مرضى الفيبرو لا تؤمن بوجود حياة طبيعية بعد الإصابة بالمرض، والأغلب يتمنى الموت من شدة الألم والإحباط واليأس والوحدة، كما يلجأ البعض إلى ترك العمل... لكن من واقع تجربتى العملية أستطيع أن أقول هناك حياة بعد الإصابة بالفيبروميالجيا، ولكن هذا يتم بناء على اختيار المريض الانتصار أو الاستسلام.. وأنا الآن أستطيع أن أقول إنى شبه انتصرت على المرض، وتعايشت معه بفضل ربنا، وصعدت واحدة من قمم جبال الهيمالايا فى نيبال على ارتفاع 3210م

وعن كيفية تحديها للمرض قالت: «غيرت أسلوب حياتى بمنع المخبوزات والحلويات، واستبدل السكر بالفواكه، مع منع اللحوم الحمراء وشرب الكافيين بقدر المستطاع، بالإضافة إلى الاهتمام بالرياضة كاليوجا والسباحة والمشى».  وتابعت: والأهم البعد عن أى شىء يسبب أى إزعاج أو توتر، لدرجة أنى غيرت مدينتى من القاهرة واستقررت فى ذهب»

 

وقالت: «أنا رقم واحد فى حياتى، وهذه ليست أنانية بالعكس هذا للحفاظ على سلامى الداخلى لينعكس فيما بعد على الاهتمام بمن حولى، ويومى أصبح مشغول تماماً لكن فى أشياء ممتعة مقابلة أصحابى والخروج والمشى على البحر... فى ناس قررت تستسلم لهذا المرض وتموت وهى عايشه، لكنى فضلت اللعب معه والتغلب عليه قدر المستطاع»

 

وأنهت شيرين حديثها بأنها تحدت المرض بدعم أهلها وأصدقائها والتزامها بالعلاج، ووجهت نصيحة للمقربين من مرضى الفيبروميالجيا قائلًا: «رفقًا بالمريض لأن المرض صعب والتعامل معه يحتاج لدعم كبير منكم»

أسباب مجهولة ونفسية مضغوطة

 

أوضحت بعض الدراسات والمؤسسات البحثية أن ظهور أعراض المرض غالباً تأتى بعد تعرض المصاب لضغط نفسى حاد، أو نكسة صحية، أو عملية جراحية، أو التهاب شديد، وتتراكم الأعراض بمرور الوقت، وقد تجتمع كل هذه الأسباب تؤدى إلى مرض «الفيبروميالجيا»، وفى بعض الأحيان يظهر المرض دون سبب واضح

ذكر موقع «ابوتيكن أومشاو» الألمانى الطبى المتخصص إن من أكبر مشكلات المصاب بمرض «الفيبروميالجيا» أنه لا يجد طبيباً متخصصاً فى علاج المرض، أغلب الأطباء لم يسمعوا بالداء الجديد، ومن مرت بهم حالات لمصابين لم يجدوا لها علاجاً قاطعاً. وهذا يفاقم أزمة المريض، فهو يبدأ بزيارة طبيب الأسرة، ثم يحاول مع أطباء الأعصاب، ثم أطباء الروماتيزم، ثم أطباء العضلات، وأطباء العظام، وأطباء أمراض الدم، لينتهى غالباً بالأدوية المسكنة للألم التى كان قد بدأ بها وحده دون وصفة طبيب، مشيراً إلى ضرورة إجراء فحوص دم متعددة كتلك التى تجرى فى عيادات علاج الروماتيزم، لإلغاء احتمال حصول التباس فى التشخيص

 وأوضح موقع «the healthy» أن مرض «فيبروميالجيا» هو اضطراب فى الجهاز العصبى المركزى للجسم، يرسل إشارات خاطئة للمخ تترجم بزيادة الإحساس بالألم، والتعب غير المبرر، وأيضاً مشاكل كثيرة فى النوم والإصابة بالأرق، وعدم القدرة على الحركة فى الرقبة والكتفين والذراعين والظهر والساقين

النساء أكثر إصابة من الرجال

 

وأوضح التقرير أن مرض «فيبروميالجيا» يعد من الأمراض المزمنة التى يصعب تشخيصها، وذلك يرجع إلى عدم وجود اختبارات دم أو مسح ضوئى لتشخيص المرض

أفضل ما يمكنك فعله لخسارة الوزن خلال أيام هو تجربة حمية الكيتو الشهيرة في أمريكا

بسهولة، وتتشابه أعراضه مع أمراض أخرى كالتهاب المفاصل والذئبة الحمراء والتصلب المتعدد وقصور الغدة الدرقية، ويقدر عدد المصابين الفيبروميالجيا فى العالم بنحو 2 8% من السكان، وأن النساء أكثر إصابة بالفيبروميالجيا 9 مرات من الرجال، وذلك يرجع إلى إن مستويات القلق والضغوط عند النساء أعلى، بالإضافة إلى التأثيرات الهرمونية المتعلقة بالدورة الشهرية التى تؤثر فى الحالة المزاجية. واتفق الدكتور حسام الديب، استشارى الروماتيزم وخبير الفيبروميالجيا زميل الكلية الملكية البريطانية لندن، مع هذا التقرير موضحاً أن المرض مزمن ومؤلم ومزعج، ويسبب آلاماً فى مناطق كثيرة من الجسم، وأحياناً فى الجسم كله، مصحوباً بتوترات لفترة طويلة وحالة نفسية غير مستقرة والتعرض لضغوط حياتية كثيرة، بالإضافة للألم يعانى مريض فيبروميالجيا من اضطرابات النوم والصداع والقولون العصبى، والاكتئاب وصعوبات فى التركيز وضعف فى الذاكرة

 

وقال الدكتور حسام الديب، العضو الدولى فى الكلية الأمريكية للروماتيزم، إن أغلب الأدوية المستخدمة لعلاج أعراض المرض هى أدوية لعلاج الإعصاب ومضادات للاكتئاب، ولا توجد إحصائيات عن أعداد المرضى بفيبروميالجيا فى مصر. لافتاً إلى أن المرض قبل 5 سنوات كان غير معروف للكثير من المرضى حتى الأطباء من التخصصات الأخرى، أما الآن مع الاهتمام الإعلامى زاد الوعى بالمرض وأعراضه

 

وأشار «الديب» إلى أن هذا المرض لا تعترف به قوانين العمل فى مصر، لأنه ببساطة لا توجد له تحاليل أو أشعة محددة تثبت المرض، لذا يصعب الأمر على المريض الموظف الذى يتعرض لهجمات فيبروميالجيا، لكن ما زالت هناك بحوث جارية لتحديد التحاليل وتطوير العلاج

 

وعن نسب الشفاء، قال د. حسام الديب إن مريض الفيبروميالجيا يحتاج إلى دعم المحيطين به، وتفهمهم لطبيعة آلامه واضطرابات النوم المزعجة جداً، لافتاً إلى أهمية دعم المحيطين فى تخفيف أعراض المرض وأحياناً يشفى المريض تماماً إذا تغيرت الظروف المحيطة به مع الانتظام فى العلاج والمتابعة

روشتة لإعادة المريض للحياة

يرى الدكتور أحمد فهمى، أستاذ علم الأمراض بجامعة القاهرة وخبير الفيبروميالجيا، إن أعراض المتلازمة تقارب 250 عرضاً لا يشترط أن تجتمع كلها فى مريض واحد، وأن مريض «الفيبرو» يتعرض لمشاكل يومية بسبب عدم قدرته على إنجاز المهام اليومية التى كان يفعلها مسبقاً، بالإضافة للمعاناة النفسية من عدم تصديق الأهل والأصدقاء أنه مريض فعلياً

 

وعن روشتة علاجية لتحويل هذا المرض المزمن الذى يقلب حياة المريض إلى مرض يستطيع التعايش معه بشكل طبيعى، قدَّم «فهمى» 3 نصائح، وهى:

 

1- يجب أن يفهم المريض طبيعة مرضه جيداً، ويتعامل مع مرضه على أنه رفيق عمر كمرض السكر والضغط. 

2- أن يغير المريض من نفسه وشخصيته؛ بمعنى أن يبتعد عن الحساسية الزائدة، ويحب نفسه، ويتعامل مع الناس بهدوء و(عدم العشم فيهم بزيادة)، ولا يقحم نفسه فى مشاكل ليس له علاقة به، والبعد عن المجهود البدنى والذهنى العنيف، والبعد قدر المستطاع عن كل ما يسبب ضغوطاً عصبية أو نفسية

3- الذهاب لطبيب خبير فى مرض الفيبرومالجيا، والالتزام بالمتابعة والخطة العلاجية

وعن الخطة العلاجية لمريض «الفيبرو»، قال د.أحمد فهمى هناك 3 محاور يجب أن تسير بشكل متوازٍ وهم علاج دوائى، وعلاج نفسى وطب تكميلى، والمحور الأخير يعتمد على المريض نفسه؛ بتغيير كامل فى أسلوب حياته من غذاء ورياضة؛ وذلك لمساعدة المريض للوصول إلى التحسن بنسبة كبيرة، لافتاً إلى ضرورة وجود رغبة قوية المريض بالتحسن ليستطيع العودة لأنشطة حياته السابقة بنسبة 90%، بدلاً من القوقعة داخل مرضه، والانعزال عن الحياة


المزيد من بوابة الوفد

منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 4 ساعات
منذ 16 دقيقة