قد يفزع الوالدان أو مقدمو الرعاية عندما يرون الرضيع يقوم بحركات لا إرادية وهو نائم أو حتى مستيقظ. مثلاً، ترتجف أو تنتفض يداه أو ساقه. وعادة ما تكون هذه الحركات نتيجة للجهاز العصبي لحديثي الولادة، الذي لا يزال في دور التطور. لكن في بعض الأحيان، يمكن أن تكون الهزات والارتعاش علامة حمراء على حدوث اختلاجات (الصرع) أو مشاكل أخرى. فكيف يمكنك معرفة متى تكون هذه الحركات طبيعية ومتى تقلق منها؟ في ما يأتي بعض أسباب الارتعاش عند حديثي الولادة والقرائن لاكتشاف الفرق بين الحركات الطبيعية والنوبات أو الاختلاجات المحتملة
ارتعاش الطفل الطبيعي
عندما يتحدث الآباء عن ارتعاش حديثي الولادة، فإنهم يشيرون عادةً إلى حركات الرعشة أو الرجفة البسيطة التي عادةً ما تستمر لبضع ثوانٍ فقط. وعلى الرغم من قصر مدة هذه الحركات الاهتزازية، فقد تحدث بشكل متكرر. وقد تلاحظ هذه السلوكيات عندما يكون الطفل نائماً، أو قد ينتفض الأطفال أيضاً استجابةً لحملهم أو تحريكهم أو خوفهم، كما يحدث عندما يسمعون ضوضاء عالية. وفي الشهر أو الشهرين الأولين من العمر، من الشائع جداً أن يرتجف الأطفال (سواء كانوا مبتسرين أو ناضجين) أو يتيبسون لحظياً عند البكاء. وقد تلاحظ أيضاً ذراعَي طفلك أو ساقيه أو فكه يرتعش، ثم تتوقف تلك الارتعاشات من تلقاء نفسها، ولكن يمكنك المساعدة في تهدئتها من خلال الإمساك برفق بجزء من الجسم الذي يرتجف. ويمكنك أيضاً محاولة إعطاء طفلك اللهاية أو الرضاعة لوقف الارتعاش
عادات النوم الغريبة لدى الرضع وأسبابها
أسباب طبيعية للحركات اللاإرادية أو الارتعاشات
أظهرت الأبحاث أن ما يصل إلى ثلثي الأطفال حديثي الولادة يعانون من رعشة خلال الأيام القليلة الأولى من حياتهم. وبعض الأطفال، وخاصة الأطفال الخدج، يمكن أن يكونوا مضطربين أو متوترين لأسباب مختلفة. ومعظم حالات الارتعاش لدى حديثي الولادة ليست مدعاة للقلق، ومن المحتمل أن تكون بسبب أحد الأسباب الشائعة الآتية:
أولاً: الجهاز العصبي غير الناضج
الأطفال حديثو الولادة لديهم جهاز عصبي غير ناضج. والمسارات التي تنقل الإشارات من الدماغ إلى أجزاء الجسم لم تتطوّر بالكامل بعد، لذا يمكن أن تبدو حركاتها متشنجة ومضطربة. وسيصبح الارتجاف والارتعاش أقل تكراراً بعد الأسابيع القليلة الأولى من الحياة حيث ينضج الجهاز العصبي للطفل. وقد تبدو ردود أفعال الأطفال الخدج غير متوقعة لبضعة أشهر حتى يتمكنوا من اللحاق بأقرانهم الناضجين. وفي بعض مراحل النمو المبكرة في كل من الأطفال المولودين قبل أوانهم، قد ترتجف أجزاء مختلفة من الجسم للمساعدة على تطور جزء أو رد فعل معين. على سبيل المثال، تساعد نفضات الرأس والأطراف على إعداد الطفل حديث الولادة لرفع رأسه وتعلم ما يمكن أن تفعله ذراعاه وأرجله
ثانياً: الحركات الطبيعية في أثناء النوم
غالباً ما يلاحظ الآباء ارتعاش حديثي الولادة عندما يتوقعون أن يكونوا أكثر استرخاءً، في أثناء النوم، وتشير الابحاث إلى أن تشنجات النوم التي تحدث وقت القيلولة والنوم ليلاً، والمعروفة أيضاً باسم رمع النوم، تعزز نمو الأطفال الحسي والحركي. وعادة ما تحدث هذه الارتعاشات في أثناء فترة حركة العين السريعة للنوم، أي بداية النوم
ثالثاً: المنعكس الجفل (Moro Reflex)
سيقفز الطفل أو يرتعش عندما يفاجأ، مثل عندما يسمع ضجيجاً عالياً، حيث يتشنج ويتصلب الجسم كله فجأة ثم تستقيم الذراعان والساقان بسرعة وتنفتح اليدان. ثم يسحب الطفل ذراعيه وساقيه للخلف بالقرب من جسده. ورد الفعل المفاجئ هذا، المعروف أيضاً باسم منعكس مورو، يستمر لبضع ثوانٍ فقط. وسيلاحظ الآباء أن أطفالهم يظهرون أحياناً انعكاس مورو في الأسابيع الـ 12 الأولى من حياتهم. وعادة ما يتبدد بعد 6 أشهر، عندما يتمكن الطفل من دعم رأسه، وقد يتأخر تبدده قليلاً بالنسبة إلى الذكور عن الاناث
رابعاً: الكثير من الكافيين في حليب الأم
إذا كنت ترضعين طفلك وتشربين الكثير من المشروبات التي تحتوي على الكافيين (مثل القهوة أو الشاي أو الصودا)، فإن الكافيين الذي تستهلكينه يذهب إلى حليب الثدي. ولا يمثل تناول كمية صغيرة من الكافيين مشكلة في العادة، ولكن قد يسبب الإفراط في تناول الكافيين وارتفاعه في لبن الأم، أن يصبح طفلك عصبياً ويواجه صعوبة في النوم ويبدأ في إظهار علامات الارتعاش أو التوتر. لهذا، تأكدي من كمية الكافيين التي تتناولينها، مع طبيبك. ويوصي الخبراء بأن الأمهات اللواتي يرضعن من الثدي بألّا يتناولن أكثر من 200 إلى 300 ملليجرام من الكافيين يومياً، وكلما قلّت الكمية أو تخلت الأم عن تناول مشروبات الكافيين، كان أفضل
تشنجات الحمى أو التشنجات الحرارية
أسباب مرضية للارتعاشات أو الحركات اللاإراداية عند الرضع
هناك بعض الأسباب المرضية للرجفة أو الرعشة. إذا كان طفلك يُظهر توتراً أو رعشة متكررة، وكنت تشك في أي مما يأتي، فمن المهم الاتصال بطبيب الأطفال في أقرب وقت ممكن:
أولاً: انخفاض سكر الدم
إذا انخفضت مستويات السكر في دم الطفل (الجلوكوز)، فقد يسبب ذلك رجفة ورعاشاً. وانخفاض نسبة السكر في الدم مشكلة شائعة يواجهها الخدج، خاصة إذا كانت الأم مصابة بسكري الحمل أو تسمم الحمل في أثناء الحمل. وإذا كان انخفاض نسبة السكر في الدم هو السبب، فقد تكون التغذية كل ما يتطلبه الأمر لإعادة مستويات طفلك إلى وضعها الطبيعي ووقف الارتجاف
ثانياً: اختلالات الكهارل أو نقص الفيتامينات
يمكن أن يؤدي انخفاض الصوديوم في الدم إلى زيادة نشاط العضلات الذي يشبه الارتجاج أو الارتعاش. وإذا كان طفلك يعاني من خلل في الإلكتروليت، فقد يحتاج إلى سوائل في الوريد. ويمكن أن تشير حركات الطفل اللاإرادية أيضاً إلى نقص المعادن، مثل نقص كالسيوم الدم أو نقص مغنسيوم الدم. ويمكن أن تكون الرعشات أيضاً علامة مبكرة على انخفاض مستويات فيتامين (د) عند الأطفال حديثي الولادة
ثالثاً: أعراض الانسحاب
يمكن أن يعاني الأطفال الذين يولدون لأمهات يعانين من اضطرابات تعاطي المخدرات أو المواد الموصوفة من رعشة وارتجاف في الأيام أو الأسابيع التالية للولادة. وقد لا يحتاج بعض الأطفال إلى أي علاج للانسحاب من المخدرات، لكن ذلك يعتمد على الدواء وشدة الأعراض
كيفية التفريق بين الرعشات الطبيعية والاختلاجات
تحدث الاختلاجات لدى ما يقارب 1.5٪ من الأطفال حديثي الولادة، وهي أكثر شيوعاً عند الأطفال المبتسرين. وتبدو الاختلاجات مثل الاهتزاز الشديد أو الضرب. وقد تكون حركة اهتزاز متكررة في الذراعين أو الساقين، أو قد تبدو كحركة متكررة للفم واللسان أو الرأس، وقد تبدو النوبة أيضاً وكأنها تقوس أو تصلب دوري ثم إرخاء جزء من الجسم
وأحد الأدلة على أن الطفل يعاني من اختلاجات بدلاً من ارتعاشات أو رجفة طبيعية، أنه لا يمكن الوالدين بسهولة إيقاف تلك الحركة بضغط يدوي لطيف. ويمكن أن تبدو النوبات كحركات طبيعية وغير ضارة. لهذا، يجب استشارة الطبيب للتفريق بين الاثنين، ويمكن أيضاً تصوير الطفل في أثناء تلك الحركة وعرضها على طبيبه، الذي قد يطلب اختبارات معينة مثل مخطط كهربية الدماغ (EEG)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، أو التصوير المقطعي المحوسب (CAT Scan) إذا كان يعتقد أن طفلك تعرض لاختلاجات، لا ارتعاشات طبيعية
وبشكل عام، قد تشير العلامات التالية إلى أن طفلك يعاني من اختلاجات:
حركات وسلوكيات ليست نموذجية للأطفال في ذات العمر
حركات متكررة متطابقة في كل من السمات والمدة
الحركات التي لا تحدث بسبب تغير في الموقف أو النشاط
تغير ملحوظ في تعبيرات وجه الطفل وتنفسه ومعدل ضربات قلبه
الحركات المنتظمة التي قد تحدث في جانب واحد فقط من الجسم، أو تكون متماثلة (على سبيل المثال، كلا الذراعين تفعل الشيء نفسه في الوقت نفسه)
الاهتزاز أو الرجيج الذي لا يمكن إيقافه (إذا كانت ذراع الرضيع ترتجف ويمكنك إيقافها من طريق الإمساك بذراعهم بلطف، فمن المحتمل ألا تكون نوبة صرع)
ضع في اعتبارك أنه عندما يبدأ الطفل في الإصابة بنوبات صرع، فقد يكون على ما يرام، ولكن بمرور الوقت، قد تتوقع بعض الأعراض أو المشاكل الأخرى في نموه إذا كان يعاني من نوبات أو تشنجات متكررة
متى يجب القلق من الارتعاشات؟
إذا لاحظت أن طفلك يعاني من الأعراض الآتية التي تهدد حياته في أثناء النوبة المشتبه فيها، فمن المهم طلب الرعاية الطبية على الفور:
طفلك لا يستيقظ أو لا يتحرك أو لا يستجيب
يبكي بصوت ضعيف غير معتاد
يصدر أصوات شخير جديدة أو أنيناً
تزرق المنطقة حول فم الطفل أو أنفه، ما يدل على مشاكل في التنفس
أخيراً:
عندما تلاحظ الارتعاش أو الارتجاف في جزء ما من جسم طفلك، أو كل جسمه، لا تقلق، لكن يجب دوماً تصوير تلك الحركات والذهاب مع طفلك إلى طبيب الأطفال، الذي سيتمكن من معرفة السبب وإجراء الفحوصات الازمة، إن استوجب الأمر
* المصدر:
Twitching and Jitteriness in Preemies